و أجاب بانّه لا بدّ من اعتبار الدّليل الدّال على ثبوت الحكم في الحالة الأولى وكيفيّة اثباته ، وهل يثبت ذلك في حالة واحدة أو على سبيل الاستمرار ، وهل تعلّق بشرط مراعى أو لم يتعلّق .
قال : وقد علمنا انّ الحكم الثابت في الحالة الأولى انّما يثبت بشرط فقد الماء و الماء في الحالة الثانية موجود ، و اتفقت الامّة بثبوته في الأولى و اختلفت في الثانية و الحالتان مختلفتان ، وقد ثبت في العقول انّ من شاهد زيداً في الدّار ثمّ غاب عنه لا يحسن ان يعتقد استمرار كونه في الدّار الّا بدليل متجدّد . وصار كونه في الدّار في الثاني وقد زالت الرؤية بمنزلة كون عمرو فيها مع فقد الرّؤية .
وامّا القضاء بأنّ حركة الفلك وماجرى مجراها لا يمنع من استمرار الاحكام فذلك معلوم بالادلّة ، وعلى من ادّعى انّ رؤية الماء لم يغيّر الحكم الدّلالة .
ثمّ قال : وبمثل ذلك نجيب من قال : فيجب ان لانقطع بخبر من أخبرنا عن مكّة وما جرى مجراها من البلدان على استمرار وجودها وذلك انّه لا بدّ للقطع على الاستمرار من دليل امّا عادة أو ما يقوم مقامها ولو كان البلد الّذي أخبرنا عنه على ساحل البحر لجوّزنا زواله لغلبة البحر الّا ان يمنع من ذلك خبر متواتر ، فالدّليل على ذلك كلّه لا بدّ منه - انتهى عباراته الشريفة - .