منه المفعول به : أي لا تعدلين بهم أحدا ، والتقدير : لا تعدلين مجاورتهم بمجاورة أحد ، وحذف المفعول في القرآن كثير ، ومنه ( مالك يوم الدين ) أي الحكم ، وحسن هذا الاختصاص تفرد القديم سبحانه في ذلك اليوم بالحكم :
فأما في الدنيا فإنه يحكم فيها الولاة والقضاة والفقهاء ، ومنه ( فذوقوا بما نسيتم ) أي العذاب ، ومنه ( ربنا إني أسكنت من ذريتي ) أي ناسا أو فريقا ، وقوله ( فادع لنا ربك يخرج لنا مما تنبت الأرض ) أي شيئا وهو كثير .
والأتاوى : الغريب البعيد من الدار . والنكباء : الريح الشديدة ، والصر : الريح الباردة . والمحلات :
اسم للماعونات مثل الفأس والقدر والرحى والدلو والغربال . يقول : لا تعدلين الغرباء الذين لأنزل لهم ولا ديار تكنهم من البرد والرياح العاصفة بأصحاب الديار والمنازل والأثاث . ومن ذلك قول ليلى الأخيلية :
كأن فتى الفتيان توبة لم ينخ * بنجد ولم ينجد مع المتغور ولم يغلب الخصم الألد ويملأ ال * جفان سديفا يوم نكباء صرصر ترثى أخاها وتعد مناقبه . قيل إن توبة بن الحمير أراد ليلى الأخيلية على ما يريد الرجال ، وكان كل منهما يحب صاحبه ، فأبت واشمأزت وقالت في ذلك :
وذي حاجة قلنا له لا تبح بها * فليس إليها ما حييت سبيل لنا صاحب لا ينبغي أن نخونه * وأنت لأخرى صاحب وخليل ( وذي ضغن كففت السوء عنه * وكنت على إساءته مقيتا ) في سورة النساء عند قوله تعالى ( وكان الله على كل شئ مقيتا ) قاله الزبير بن عبد المطلب : أي رب ذي ضغن وحقد على كففت سوء عنه وكنت مقتدرا على أن أصيبه بالمكاره : يعنى أتحمل عنه مع القدرة . وفى حواشي الصحاح عن الصغاني الرواية أقيت والقافية مضمومة وبعده :
يبيت الليل مرتفقا ثقيلا * على فرش القناة وما أبيت تعن إلى منه مؤذيات * كما تبرى الجذامير البروت الجذمور والجذمار : ما بقي من أصل السعفة إذا قطعت . البرت : الفأس ; وقد استشهد بالبيت المذكور في سورة هود عند قوله تعالى ( إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات وأخبتوا إلى ربهم ) أي اطمأنوا إليه وانقطعوا لعبادته بالخشوع والتواضع ، من الخبت بالتاء الفوقية : وهى الأرض المطمئنة .
( ليت شعري وأشعرن إذا ما * قربوها منشورة ودعيت إلى الفضل أم على إذا حو * سبت إني على الحساب مقيت ينفع الطيب القليل من الرز * ق ولا ينفع الكثير الخبيث ) في سورة النساء عند قوله تعالى ( وكان الله على كل شئ مقيتا ) واشتقاقه من القوت لأنه يمسك النفوس ويحفظها ، قوله قربوها كناية عن الصحف كقوله تعالى ( وإذا الصحف نشرت ) ودعيت : يعنى حين يدعى كل أناس بإمامهم . ومقيت : أي حفيظ شهيد : أي ليت شعري وعلمي حاصل إذا أتوا بصحيفة أعمالي لقراءتها ، إلى الفضل على غيري لوفور حسناتي ، أم لغيري على الفضل لكثرة سيئاتي ؟ فإني على الحساب شهيد عالم ، ويروى إني بالكسر ; والمعنى لا يختلف ، كأنه تمنى أن يشعر أن هناك قدرة نافعة على الحساب في الفضل له وعليه مثل ما له