الصبح منه غاديا وأي شئ يرد الليل منه آتيا على التعجب في طلب الغارة وإتيانه ظاهرا ومنه للتعجب وحذف منه كما يقال السمن منوان بدرهم ومنه تجريد . والبيت لكعب بن سعد الغنوي يرثى أخاه شبيبا واسمه هرم وكنيته أبو المغوار ، من قصيدته المشهورة التي منها :
لعمري لئن كانت أصابت مصيبة * أخي والمنايا للرجال شعوب لقد كان أما علمه فمروح * علينا وأما جهله فغريب فإن تكن الأيام أحسن مرة * إلى فقد عادت لهن ذنوب ومنها البيتان المشهوران :
وداع دعا يامن يجيب إلى الندا * فلم يستجبه عند ذاك مجيب فقلت ادع أخرى وارفع الصوت جهرة * لعل أبى المغوار منك قريب يجبك كما قد كان يفعل إنه * مجيب لأبواب العلاء طلوب ( صاح هل ريت أو سمعت براع * رد في الضرع ما قرى في العلاب ) في الماعون عند قوله تعالى ( أرأيت الذي يكذب بالدين ) حيث قرئ ريت بحذف الهمزة ، وليس بالاختيار لإن حذفها مختص بالمضارع ، ولم عن العرب ريت ، ولكن الذي سهل من أمرها وقوع حرف الاستفهام في أول الكلام كما في البيت وهى قراءة الكسائي ، والذي في الآية أقوى توجيها من البيت لوجود الهمزتين ، وإذا وقع في أول الكلام حرف الاستفهام كره همزة أخرى بعدها ، والزمخشري لما بين أن حذف الهمزة من أرأيت ليس باختيار أشار إلى أن لهذه القراءة وجها حسنا لوقوع الهمزة قبل أرأيت والحذف أولى . فإن قيل : لا وجه لإيراد المصنف هذا البيت في هذا الموضع استشهادا بحذف الهمزة من ريت بسبب حرف الاستفهام ، فإنه لم يجتمع فيه همزتان بخلاف قوله أرأيت ، وجوابه أن الهمزة مقدرة في البيت لأن هل في الأصل بمعنى قد ، ولا تستعمل إلا في الاستفهام مع الهمزة وبسبب كثرة الاستعمال حذفت منه الهمزة والدليل عليه قول الشاعر :
سائل فوارس يربوع بسدتنا * أهل رأونا بسفح القاع من أكم ولما كانت الهمزة في هل رأيت مقدرة حذفت من أرأيت ، ولذا قال الزمخشري : سهل أمرها وقوع حرف الاستفهام ولم يقل همزة الاستفهام . والعلبة : المحلب من جلد والجمع علب وعلاب . وصاح أصله يا صاحبي فرخم ، والقرى : جمع الماء في الحوض . يقول : يا صاحبي هل رأيت أو سمعت براع رد إلى الضرع ما حلب من اللبن وجمع في العلب ، وروى الحلاب بدل العلاب .
( من البيض لم تصطد على ظهر لأمة * ولم تمش بين الحي بالحطب الرطب ) في سورة تبت عند قوله تعالى ( وامرأته حمالة الحطب ) تحمل الحطب بينهم : أي توقد بينهم النائرة وتؤرث الشر ; قوله من البيض : أي من بيض الوجوه لم تصطد . وبرواية لم يضدد من الضد : وهو ما يضاد شيئا على ظهر لأمة : أي لوم وسوء : أي لم ترتكب الأمر الذي تلام عليه واللأمة : الأمر الذي يلام عليه : أي لا تمشى بين الناس فتلقى بينهم العداوة وتهيج نارها كما توقد النار بالحطب : وسمى النميمة حطبا ، وذم الله تعالى امرأة أبى لهب وهى أم جميل بنت حرب بن أمية أخت أبي سفيان وكانت عوراء فقال حمالة الحطب : أي نقالة الحديث ; والشاعر يصف امرأة بطهارة العرض : أي لم