ومنها وهو آخرها :
فشرق حتى ليس للشرق مشرق * وغرب حتى ليس للغرب مغرب ولم أورد هذه الأبيات مع اشتهارها إلا استلذاذا بعذوبة لفظها وحلاوة معناها :
محاسن لم تزدك معرفة * وإنما لذة ذكرناها ( فصدقتها وكذبتها * والمرء ينفعه كذابه ) في سورة النبأ عند قوله تعالى ( وكذبوا بآياتنا كذابا ) حيث قرئ بالتخفيف ، كما قال : فصدقتها وكذبتها ومثله قوله تعالى ( أنبتكم من الأرض نباتا ) ومثله :
وإن مديح الناس حق وباطل * ومدحك حق ليس فيه كذاب ( إذا اعتروا باب ذي عبية وجبوا * والناس من بين مرجوب ومحجوب ) في المطففين عند قوله تعالى ( بل ران على قلوبهم ) ران عليه الذنب وغان عليه رينا وغينا ، والغين : الغيم ، ويقال ران عليه النوم : رسخ فيه ، ورانت به الخمرة : ذهبت به ، وكونهم محجوبين عنه تمثيل للاستخفاف بهم وإهانتهم ، لأنه لا يؤذن على الملوك إلا للوجهاء المكرمين لديهم ، ولا يحجب عنهم إلا الأدنياء المهانون عندهم .
قال : إذا اعتروا باب ذي عبية رجبوا الخ ، اعتروا : قصدوا ، والعبية : الكبر والنخوة . قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( إن الله تعالى أذهب عنكم عبية الجاهلية بالآباء ، الناس رجلان : مؤمن تقى ، وفاجر شقى ) ورجبوا : أي عظموا ، يقال رجبت الرجل رجبة ورجبا إذا أكرمته وعظمته ، وبه سمى رجب لأن العرب كانت تعظمه . قوله والناس من بين مرجوب : أي يؤذن على الملوك للوجهاء المكرمين ويحجب عنهم الأدنياء المهانون .
( ما نقموا من بنى أمية إلا * أنهم يحلمون إن غضبوا ) هو لقيس بن الرقيات في سورة البروج عند قوله تعالى ( وما نقموا منهم إلا أن يؤمنوا بالله العزيز الحميد ) يعنى أنهم جعلوا أحسن الأشياء قبيحا وهو الحلم عند الغضب وذلك أصل الشرف والسيادة كما قال :
ولا عيب فيها غير شكلة عينها * كذاك عتاق الطير شكل عيونها وقد تقدم في شرح بيت النابغة الشاهد المذكور على تأكيد المدح بما يشبه الذم ، وهو قوله :
ولا عيب فيهم غير أن سيوفهم * بهن فلول من قراع الكتائب ما فيه مقنع فليراجع .
( هوت أمه ما يبعث الصبح غاديا * وماذا يرد الليل حين يثوب ) في القارعة عند قوله تعالى ( فأمه هاوية ) من قولهم إذا دعوا على الرجل هوت أمه ، لأنه إذا هوى : أي سقط وهلك فقد هوت أمه ثكلا وحزنا ، ومنه بيت الحماسة :
هوت أمهم ماذا بهم يوم صرعوا * بجيشان من أسباب مجد تصرما أبوا أن يفروا والقنا في نحورهم * وأن يرتقوا من خشية الموت سلما فلو أنهم فروا لكانوا أعزة * ولكن رأوا صبرا على الموت أكرما ويبعث : من البعث من النوم . والغادي : الذي يغدو ويثوب : أي يرجع . وهوت أمه : دعاء لا يريد به الوقوع وإنما يقال عند التعجب والمدح ، يتعجب منه حين يغدو ويروح ويصفه بالجلد والتقدير : أي شئ يبعث