ذلك البرق يختلس ويستلب أبصارهم بسرعة ، من شدّة ضوئه ، وكاد من أفعال المقاربة ولا يتم بالفاعل ، ويحتاج إلى خبره ، وخبره الفعل المضارع ، ويخطف أبصارهم في موضع النصب ، وخبر يكاد وكلَّما : أصله كلّ ، وضمّ إليه ما الجزاء ، وهو منصوب بالظرف ، والعامل فيه أضاء : فالمعنى متى ما أضاء البرق لهم مشوا فيه : أي في ذلك المسلك وفي مطرح نور البرق ، خطوات يسيره .
« وإِذا أَظْلَمَ عَلَيْهِمْ » : وخفى البرق ، واستتر صار الطريق مظلما ، ووقفوا في أماكنهم متحيرين .
« ولَوْ شاءَ اللَّه لَذَهَبَ بِسَمْعِهِمْ وأَبْصارِهِمْ » : اى ولو أراد اللَّه ان يذهب الأسماع التي في الرأس ، والأبصار لذهب بها بصوت الرعد ونور البرق عقوبة لهم لأنّه لا يعجز عن ذلك وذلك مثل قول الشاعر فلو شئت ان ابكى دما لبكيته عليه وليكن ساحة الصبر أوسع .
« إِنَّ اللَّه عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ » فاعل له بقدرته وحاصل المعنى إن اللَّه شبه حال المنافقين في حيرتهم وضلالتهم بحال من أخذته السماء في ليلة مظلمة مع رعد وبرق وخوف من الصواعق والموت فكلَّما دعوا إلى خير وغنيمة اسرعوا لطلب الخير والنفع كما إنّ أولئك كلَّما أضاء لهم البرق مشوا فيه لاهتدائهم الطريق بضوء البرق فكذلك حال المنافقين لكن إذا وردت شدّة على المسلمين مثل يوم أحد تحيّروا ووقفوا لكفرهم كما وقف أولئك في الظلمات متحيرين وقيل المراد انّهم إذا آمنوا صار الايمان لهم نورا ومشوا باهتداء نور الايمان فإذا ماتوا عادوا إلى ظلمة العقاب لان ايمانهم ليس عن حقيقة .
[ سورة البقرة ( 2 ) : آية 21 ] يا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ والَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ( 21 ) ياء حرف نداء واىّ اسم مبهم يقع على أجناس كثيرة ولا يتم الا بان يوصف وصفته تكون باسم الجنس مثل الناس واىّ منادي مفرد معرفة لأنّه وقع موقع حرف الخطاب وهو الكاف وانما بنى على الحركة مع انّ الأصل في البناء السكون لأنه ليس بغريق في البناء والبناء عارض فيه وحرك بالضمّ لأنّه كان في أصله اىّ بالتنوين فلما سقط التنوين أشبه