واستعير لكل حال أو قصّة أو صفة لها شأن عجيب وغرابة ، كقوله ، وللَّه المثل الأعلى اى الوصف الذي له شأن من العظمة والجلال ، والتمثل الطف ذريعة إلى تفهيم الجاهل ويجعل المعقول محسوسا ، والخفي جليّا ، ولذا أكثر اللَّه في كتبه الأمثال ، وفي الإنجيل سورة تسمّى سورة الأمثال ، قيل وفي القرآن قريب من ألف آية من الأمثال والعبر ، اعلم أن التمثيل الطف ذريعة إلى تفهيم الجاهل الغبي ، وقمع سورة الجامح الابي كيف لا ، وهو رفع الحجاب عن وجوه المعقولات الخفية ، وإبراز لها في معرض المحسوسات وكان من عادة الأنبياء والرسل ، بيان الحكم في بعض المقامات بالأمثال ، وتصوير الحقائق الغامضة العقلية ، بكسوة الأمثلة الحسيّة ، وذلك لأنّ أكثر الناس يغلب عليهم الجهة الحسيّة قال إبراهيم النظام ، في المثل ، اربع خصال ، لا يجتمع في غيره من الكلام ، إيجاز اللفظ ، وأصابة المعنى ، وحسن التنبيه ، وجودة الكناية ، ثمّ اعلم ، انّ الأمثال ، تتفاوت في الدرجات ، نازلة مثلا ما بعوضة فما فوقها ، وصاعدة حتى ينتهى إلى آل محمد صلوات اللَّه عليهم ، كما في فقرة الزيارة الجامعة ، والمثل الأعلى ، وليس فوقهم مثل ، وقد ضرب اللَّه الأمثال ، في السور ، لهذه الحكمة ، في البقرة ، وآل عمران ، والانعام ، والأعراف ويونس ، وهود ، والرعد ، وإبراهيم ، والنحل ، وبنى إسرائيل ، والكهف ، والحجّ ، والنور ، والفرقان ، والعنكبوت ، والروم ، ويس ، والزمر ، وزخرف ، ومحمد ، والفتح ، والحديد ، والحشر ، والجمعة ، والتحريم ، والمدّثّر ، وغيرها ، والتشبيه باعتبار المشبّه والمشبّه به ، على أربعة أقسام .
الأول يقال له التشبيه الملفوف ، وهو ان يؤتى على طريق العطف بالمشبهات أولا ، ثم تمّ بالمشبه بها ، يقول امرء القيس ، كان قلوب الطير رطبا ويابسا لدى وكرها العناب والحشف البالي والثاني يقال له التشبيه المفروق ، وهو ان يؤتى بمشبّه ، ومشبّه به ثمّ آخر وآخر ، كقول المرقش ، يصف النساء :
النشر مسك والوجوه دنا نيرو أطراف الأكف عنم الثالث التسوية ، وهو ان يتعدد المشبه دون المشبّه به ، كقول الشاعر :