التي تحت العفّة ، الحياء والصبر والقناعة والدماثة ومعنى الدماثة حسن انقياد النفس وتبرعها في الجميل وكذلك من فروع العفّة الانتظام ومعناه حال للنفس تقودها إلى تقدير الأمور ، منها حسن الهدى وهو تكميل النفس بالزينة الحسنة ، ومن فروع العفة الورع والوقار وهي لا تعدو كذلك فروع الرذائل الأربع كثيرة ، وهي اجمالا ما يضاد الفضائل الأربع لأنّه يفهم من كلّ واحدة من الفضائل الأربع ، وفروعها ما يقابلها مثل انّ الجهل يقابل العلم والوقاحة يقابل الحياء إلى ما لا يتناهى .
[ سورة البقرة ( 2 ) : آية 10 ] فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزادَهُمُ اللَّه مَرَضاً ولَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ بِما كانُوا يَكْذِبُونَ ( 10 ) المراد بالمرض في الآية الشك والنفاق وانّما سمّى الشك والنفاق مرضا لأنّ المرض هو الخروج عن حدّ الاعتدال فالبدن ما لم تصبه آفة يكون صحيحا وكذلك القلب ما لم يصبه آفة من الريب يكون صحيحا ، والمراد انّه في اعتقاد قلوبهم الذي يعتقدونه في توحيد اللَّه ورسالة رسوله مرض ، وزاد يجيء متعدّيا كما في هذه الآية ، ولازما كما في قوله : « وأَرْسَلْناه إِلى مِائَةِ أَلْفٍ أَوْ يَزِيدُونَ » فالمرض حقيقة فيما يعرض للبدن ، فيخرجه عن الاعتدال ومجاز في الاعراض النفسانيّة التي يخلّ بكمالها كالجهل وسوء العقيدة والحسد وحبّ المعاصي من فنون الفسق والكفر المؤدّى إلى الهلاك الروحاني ، وزوال الحياة الابديّة وكانت قلوب المنافقين متألَّمة تحرقا على ما فات عنهم من الرياسة ، وحسدا على ما يرون من اثبات امر الرسول واستعلاء شأنه يوما فيوما فزاد اللَّه غمّهم بما زاد في إعلاء امره فزاد المرض بأن طبع على قلوبهم لعلمه بأنّه لا يؤثّر فيها التذكير والإنذار وبازدياد التكاليف الشرعية وتكرير الوحي وتضاعف النصر لأنّهم كلَّما ازداد التكاليف بنزول الوحي يزدادون كفرا ويشقّ عليهم التكلَّم بالشهادة حقيقة ، وازدادوا بذلك اضطرابا وامتناعا ، وازدادوا بذلك في الآخرة عذابا على عذاب كما قال سبحانه « زِدْناهُمْ عَذاباً فَوْقَ الْعَذابِ ولهم في الآخرة عذاب اليم » يصل ألمه إلى القلوب .
« بِما كانُوا يَكْذِبُونَ » بسبب كذبهم المستمر ، أو بمقابلة كذبهم الدائم ، وهو قولهم ، آمنّا والكذب من قبايح الذنوب ، وفواحش العيوب ، لا سيّما الكذب في الدين ، ورأس كلّ معصية ، به يتكدّر القلوب ، وانّه ابغض الأخلاق ومجانب للايمان ، بمعنى انّ