[ سورة البقرة ( 2 ) : آية 164 ] إِنَّ فِي خَلْقِ السَّماواتِ والأَرْضِ واخْتِلافِ اللَّيْلِ والنَّهارِ والْفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِما يَنْفَعُ النَّاسَ وما أَنْزَلَ اللَّه مِنَ السَّماءِ مِنْ ماءٍ فَأَحْيا بِه الأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها وبَثَّ فِيها مِنْ كُلِّ دَابَّةٍ وتَصْرِيفِ الرِّياحِ والسَّحابِ الْمُسَخَّرِ بَيْنَ السَّماءِ والأَرْضِ لآياتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ ( 164 ) قيل : كان للمشركين حول الكعبة ثلاثمائة وستّون صنما ، فلمّا سمعوا قوله تعالى : « وإِلهُكُمْ إِله واحِدٌ » تعجّبوا وقالوا : كيف يسع الناس إله واحد ؟ أجعل الآلهة إلها واحدا ؟ فإن كان محمّد صادقا في توحيد الإله فليأتنا بحجّة نعرف بها صدقه فنزلت الآية .
* ( [ إِنَّ فِي خَلْقِ السَّماواتِ والأَرْضِ ] ) * وإبداعهما على ما هما عليه مع بدائع الصنائع الَّتي يعجز عن فهمها عقول البشر . وإنّما جمع السماوات وأفرد الأرض لأنّ كلّ سماء ليست من جنس الأخرى ، وفلك كلّ واحدة غير فلك الأخرى . والأرضون كلَّها من جنس واحد وهو التراب ، وعند الحكماء محدّب كلّ سماء مماسّ لمقعّر ما فوقه غير الفلك التاسع المسمّى بالعرش فإنّ محدّبه وسطح فوقه غير مماسّ لشيء من الأفلاك وهو المسمّى بلسانهم : الفلك الأطلس وما فوقه خلأ وبعد غير متناه عندنا وعند الحكماء لا خلأ فيه ولا ملأ .
* ( [ واخْتِلافِ اللَّيْلِ والنَّهارِ ] ) * أي في تعاقبهما كالذهاب والمجيء يخلف أحدهما صاحبه إذا جاء أحدهما جاء الآخر خلفه . وفي الزيادة والنقصان والظلمة والنور .
* ( [ والْفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ ] ) * لا ترسب تحت الماء مع أنّها ثقيلة كثيفة والماء خفيف لطيف . وتأنيث « الفلك » باعتبار الجماعة * ( [ بِما يَنْفَعُ النَّاسَ ] ) * « ما » . اسم موصول ، والجملة حاليّة ، حالكونهم ينتفعون بركوبها والحمل فيها للتجارة .
* ( [ وما أَنْزَلَ اللَّه مِنَ السَّماءِ ] ) * أي إنّ فيما أنزل اللَّه من جهة السماء * ( [ مِنْ ماءٍ ] ) * بيان للجنس ، فإنّ المنزل من السماء يعمّ الماء وغيره ، و « السماء » المراد المعنيّ المعروف أي الفلك ، ويحتمل جهة العلوّ سماء كانت أو سحابا ، فإنّ كلّ ما علا الإنسان يسمّى يسمّى سماء لكنّ الصحيح الأوّل * ( [ فَأَحْيا بِه ] ) * أي بما أنزل * ( [ الأَرْضِ ] ) * بأنواع النباتات والأزهار والأشجار * ( [ بَعْدَ مَوْتِها ] ) * وبعد ذهاب زرعها وتناشر أوراقها وحسن إطلاق