والقسم الثاني أنّ المعنى : ولكلّ قوم منكم معاشر المسلمين ناحية من الكعبة فاستبقوا الخيرات بالتوجّه إليها من جميع النواحي فإنّها وإن اختلفت بعد أن تؤدّي إلى الكعبة فهي كجهة واحدة ، ولا يخفى على اللَّه نيّاتهم ، فهو يحشرهم ويثيبهم على أعمالهم .
نَّ اللَّه عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ] بما أراد من الإماتة والإحياء والجمع .
[ سورة البقرة ( 2 ) : الآيات 149 إلى 150 ] ومِنْ حَيْثُ خَرَجْتَ فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ وإِنَّه لَلْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ ومَا اللَّه بِغافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ ( 149 ) ومِنْ حَيْثُ خَرَجْتَ فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ وحَيْثُ ما كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَه لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَيْكُمْ حُجَّةٌ إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ فَلا تَخْشَوْهُمْ واخْشَوْنِي ولأُتِمَّ نِعْمَتِي عَلَيْكُمْ ولَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ ( 150 ) قال الرازيّ : وجه التكرار في الآيات الثلاثة أنّ الأحوال ثلاثة :
أوّلها أن يكون الإنسان في المسجد الحرام .
وثانيها أن يخرج عن المسجد الحرام ويكون في البلد .
وثالثها أن يخرج للسفر إلى أقطار الأرض ، فالآية الأولى محمولة على الحالة الأولى ، والثانية على الثانية والثالثة على الثالثة لأنّه قد يتوهّم أنّ للقرب حرمة وحكما لا تثبت فيها للبعد فلأجل هذا الأمر كرّرت .
وقيل وجوه أخر .
وقيل : المراد من الآية الثانية وهي قوله : * ( [ ومِنْ حَيْثُ خَرَجْتَ ] ) * المراد في السفر ، أي من أيّ مكان وبلد خرجت إليه للسفر * ( [ فَوَلِّ وَجْهَكَ ] ) * عند صلاتك * ( [ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ ] ) * وتلقائه فإنّ وجوب التوجّه إلى الكعبة لا يتغيّر بالسفر والحضر حالة الاختيار * ( [ وإِنَّه ] ) * أي هذا المأمور به * ( [ لَلْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ ] ) * الثابت الموافق للحكمة * ( [ ومَا اللَّه بِغافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ ] ) * من الإطاعة والمعصية .
* ( [ ومِنْ حَيْثُ خَرَجْتَ ] ) * في أسفارك ومغازيك بعيدة كانت أو قريبة * ( [ فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ وحَيْثُ ما كُنْتُمْ ] ) * أيّها الناس * ( [ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَه ] ) * من محالَّكم . وهذه الآية الثالثة كرّرها لما أنّ القبلة لها شأن خطير والنسخ من مظانّ