* ( [ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ ] ) * « الحقّ » مبتدأ ، و « من ربّك » خبره . واللام للعهد والإشارة إلى ما عليه النبيّ أو إلى الحقّ الَّذي يكتمونه أو للجنس ، والمعنى : أنّ الحقّ من اللَّه لا من غيره وهو ما أنت عليه ، لا ما هم عليه * ( [ فَلا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُمْتَرِينَ ] ) * فلا تكوننّ من الشاكّين ، والمراد الأمّة وإن توجّه الخطاب إليه كما ذكرنا سابقا ، والصحيح في معنى الآية أنّ الَّذي كتموه كتموه في قوله : « لَيَكْتُمُونَ الْحَقَّ وهو من ربّك » .
[ سورة البقرة ( 2 ) : آية 148 ] ولِكُلٍّ وِجْهَةٌ هُوَ مُوَلِّيها فَاسْتَبِقُوا الْخَيْراتِ أَيْنَ ما تَكُونُوا يَأْتِ بِكُمُ اللَّه جَمِيعاً إِنَّ اللَّه عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ( 148 ) لِكُلٍّ وِجْهَةٌ هُوَ مُوَلِّيها ] ولكلّ مضاف وحذف المضاف إليه لوضوح المعنى أي :
ولكلّ قوم ، قيل : الكلّ يعمّ الجميع من فرق المسلمين واليهود والنصارى والمشركين وقيل : إنّ المشركين غير داخلين في القوم ، والتنوين في « لكلّ » عوض عن المضاف إليه ، قال الرازيّ في المفاتيح : وقوله : « هو » راجع إلى اسم اللَّه ، أي : اللَّه مولَّيها إيّاه وقيل :
عائد إلى الكلّ ، فعلى هذا لا يدخل المشركون في الكلّ ، بل يعمّ اليهود والنصارى والمسلمين ، فعلى القول الثاني وهو أن يكون الضمير راجعا إليهم ، فتقدير الكلام أنّ لكلّ منكم وجهة من القبلة هو مستقبلها ومتوجّه إليها لصلاته وكلّ يفرح بما هو عليه ولا يفارقه فلا سبيل إلى اتّفاقكم على قبلة واحدة فألزموا معاشر المسلمين قبلتكم .
اسْتَبِقُوا الْخَيْراتِ أَيْنَ ما تَكُونُوا يَأْتِ بِكُمُ اللَّه جَمِيعاً ] فإنّكم على خيرات من ذلك في الدنيا والآخرة لانقيادكم لأمره ولشرفكم بقبلة إبراهيم ، وأمّا على كون الضمير عايدا إلى اللَّه فتقدير الكلام على قسمين :
القسم الأوّل أنّ اللَّه عرّفنا أنّ كلّ واحدة من هاتين القبلتين اللتين هما بيت المقدس والكعبة جهة يولَّيها عباده على حسب ما يعلمه صلاحا فالجهتان منه تعالى في الحالتين وهو الَّذي ولَّى وجوه عباده إليهما فانقادوا أمره حسب ما أمركم فاستبقوا الخيرات بالانقياد ، ولا تلتفتوا إلى مطاعن هؤلاء الَّذين يقولون : ما ولَّاهم عن قبلتهم ؟ فإنّ اللَّه يجمعكم جميعا في صعيد القيامة مع هؤلاء السفهاء فيفصل بينكم .