وقيل في معنى الآية : إنّ المراد من أظلم في كتمان الشهادة من اللَّه لو كتمها ، أي إنّه يلزمكم أنّه لا أحد أظلم من اللَّه إذ كتم شهادة عنده وأوقع عباده في الضلال وهو الغنيّ عن ذلك ، ولو كانوا هودا أو نصارى لأخبر بذلك .
* ( [ ومَا اللَّه بِغافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ ] ) * ولا يخفى عليه شيء من المعلومات فكونوا على حذر من الجزاء من مفترياتكم في دين اللَّه .
[ سورة البقرة ( 2 ) : آية 141 ] تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ لَها ما كَسَبَتْ ولَكُمْ ما كَسَبْتُمْ ولا تُسْئَلُونَ عَمَّا كانُوا يَعْمَلُونَ ( 141 )
[ سورة البقرة ( 2 ) : آية 141 ] تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ لَها ما كَسَبَتْ ولَكُمْ ما كَسَبْتُمْ ولا تُسْئَلُونَ عَمَّا كانُوا يَعْمَلُونَ ( 141 ) قد مضى تفسيره ، والوجه في تكراره أنّه عنى بالأوّل إبراهيم ومن ذكر معه من الأنبياء ، وبالثاني أسلاف اليهود : وإذا اختلف الأزمان والمواطن لم يكن التكرار معيبا بل يكون لازما .وحاصل آخر للآية وذكرها : وهو أنّه لو سلَّم لكم ما ادّعيتم من أنّ الأنبياء كانوا على دين اليهوديّة والنصرانيّة فليس لكم فيه حجّة لأنّه لا يمتنع اختلاف الشرائع بالمصالح فله أن ينسخ من الشرائع ما شاء ويقرّ منها ما شاء على حسب ما يقتضيه حكمته وأمره .
[ سورة البقرة ( 2 ) : آية 142 ] سَيَقُولُ السُّفَهاءُ مِنَ النَّاسِ ما وَلَّاهُمْ عَنْ قِبْلَتِهِمُ الَّتِي كانُوا عَلَيْها قُلْ لِلَّه الْمَشْرِقُ والْمَغْرِبُ يَهْدِي مَنْ يَشاءُ إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ ( 142 )
[ سورة البقرة ( 2 ) : آية 142 ] سَيَقُولُ السُّفَهاءُ مِنَ النَّاسِ ما وَلَّاهُمْ عَنْ قِبْلَتِهِمُ الَّتِي كانُوا عَلَيْها قُلْ لِلَّه الْمَشْرِقُ والْمَغْرِبُ يَهْدِي مَنْ يَشاءُ إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ ( 142 ) * ( [ سَيَقُولُ السُّفَهاءُ مِنَ النَّاسِ ] ) * يريد المنكرين لتغيير القبلة من المنافقين واليهود والنصارى والمشركين ، وإنّما كانوا سفهاء لأنّهم رغبوا عن ملَّة إبراهيم وقد قال سبحانه :« ومَنْ يَرْغَبُ عَنْ مِلَّةِ إِبْراهِيمَ إِلَّا مَنْ سَفِه نَفْسَه » أي أذلَّها بالجهل .
وحاصل المعنى أنّ الَّذين ضعفت عقولهم من الناس : * ( [ ما وَلَّاهُمْ عَنْ قِبْلَتِهِمُ الَّتِي كانُوا عَلَيْها ] ) * « ما » استفهاميّة إنكاريّة مرفوعة المحلّ على الايتداء و « وَلَّاهُمْ » خبره ، أي أيّ شيء صرفهم . والقبلة من المقابلة لأنّ المصلَّي يقابلها وحوّلهم عن قبلتهم وهي البيت المقدّس ، ثمّ انصرفوا منها إلى الكعبة لأنّ النبيّ صلَّى اللَّه عليه وآله وسلَّم صلَّى إلى البيت المقدّس بعد مقدمه المدينة نحوا من سبعة عشر شهرا تأليفا لقلوب اليهود ثمّ صارت الكعبة قبلة المسلمين إلى نفخ الصور .