يكن ما ذكرناه معجزا ولا خارقا للعادة وكيف يشتبه على مسلم بطلان أحكام النجوم وقد أجمع المسلمون قديما وحديثا على تكذيب المنجّمين والشهادة بفساد مذاهبهم ؟ ومعلوم من دين الرسول صلَّى اللَّه عليه وآله وسلَّم ، ضرورة التكذيب بما يدّعيه المنجّمون . وفي الروايات عنه صلَّى اللَّه عليه وآله وسلَّم في ذلك ما لا يحصى فأمّا ما أصابتهم في الإخبار عن الكسوف والخسوف وأمثالهما فالفرق بينها وسائر ما يخبرون به من تأثيرات الكواكب أنّ الكسوفات والاقترانات والانفصالات طريقه الحساب وسير الكواكب ، وله أصول صحيحة وقواعد سديدة ، وليس كذلك ما يدّعونه من تأثيرات الكواكب في الخير والشرّ والنفع والضرر ، فيقع فيها خطاء وكذب كثير .
قوله تعالى : « فَنَظَرَ نَظْرَةً فِي النُّجُومِ فَقالَ إِنِّي سَقِيمٌ » استشكل بعض في هذه الآية بوجهين : أحدهما أنّه حكى عن بيّنة النظر في النجوم مع أنّه ممنوع ، والآخر قوله : « إِنِّي سَقِيمٌ » وذلك كذب .
وأجاب السيّد المرتضى في كتاب تنزيه الأنبياء بوجوه .
الأوّل أنّ إبراهيم عليه السّلام كانت به علَّة تأتيه في أوقات مخصوصة ، فلمّا دعوه إلى عيدهم بالخروج معهم نظر إلى النجوم ليعرف نوبة علَّته ، فقال : إنّي سقيم ، أي شارفت الدخول فيها والعرب تسمّي الشارف للشيء الداخل فيه ، كما قال : « إِنَّكَ مَيِّتٌ وإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ » . « 1 » فلو قيل : على هذا يكون يقول : فنظر إلى النجوم لأنّ لفظة « في » لا تستعمل إلَّا فيمن ينظر كما ينظر المنجّم فالجواب : إنّ حروف الصفات يقوم ويستعمل بعضها مقام بعض ، مثل قوله : « ولأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النَّخْلِ » « 2 » وإنّما أراد : على جذوع النخل ويجوز أن يكون معناه : أنّه شخص ببصره إلى السماء ، كما يفعل المتفكّر والمتأمّل استعانة على فكره وعذره في الجواب .
قال العلَّامة المجلسيّ : ويمكن أن يقال : إنّ حرمة النظر في علم النجوم على