من وجه ، ثمّ ظنّت الجهلة منهم انّ المراد به معنى الولادة الطبيعيّة ، فاعتقدوا ذلك تقليدا ، من غير فهم المراد ، ولذلك منع قائله مطلقا ، بل كفر ، سواء قصد به معنى السّببيّة ، أو معنى الولادة الطبيعيّة حسما لمادّة الضلالة والفساد .
قال الرازي في تفسيره : ووجه الاستدلال بهذه الآية في ردّ قولهم وابطال عقيدتهم من وجوه ، الأوّل : انّ كلّ ما سوى الموجود الواجب ، ممكن لذاته ، وكلّ ممكن لذاته ، محدث ، وكل محدث فهو مخلوق للواجب ، امّا بيان أنّ ما سوى الموجود الواجب ممكن لذاته فلأنّه لو وجد موجودان واجبان لذاتهما لاشتركا في وجوب ولامتاز كلّ واحد منهما عن الآخر بما به التعيّن ، وما به المشاركة غير ما به الممايزة ، فيلزمهما قيد المشاركة وقيد الممايزة ، وحصل التركيب وكلّ مركّب مفتقر إلى اجزائه ، فهو ممكن لذاته ، فكلّ واحد من ذينك الواجبين لذاتهما ممكن لذاته وهذا خلف .
والوجه الثاني : انّ هذا الَّذى أضيف إليه بأنّه ولده ، امّا ان يكون قديما ازليّا ، أو محدثا ، فإن كان ازليّا لم يكن حكمنا بجعل أحدهما ولدا والآخر والدا أولى من العكس ، فيكون ذلك الحكم حكما مجرّدا من غير دليل وان كان الولد حادثا ، كان مخلوقا لذلك القديم وعبدا له ، والعبد لا يكون ولدا ولا يستحق المعبوديّة .
قال الرضا عليه السّلام : انّ اللَّه قديم ، والقدم صفة دلَّت على انّه لا شيء قبله ولا شيء معه في ديمومته وبطل قول من زعم أنّه كان قبله أو كان معه شيء وذلك أنّه لو كان معه شيء في بقائه لم يجزان يكون خالقا له لأنّه لم يزل معه فكيف يكون خالقا لمن لم يزل معه ، ولو كان قبله شيء ، كان الأوّل ذلك الشيء ، لا هذا ، وكان الأوّل أولى بان يكون خالقا للثاني .
وفي شرح نهج البلاغة للكيدري ، ورد في الخبر : لمّا أراد اللَّه خلق السماوات والأرضين . خلق جوهرا خضرا فنظر إليها بعين الهيبة ، فذابت وصار ماء مضطربا ، ثمّ اخرج منه بخارا كالدخان ، وخلق منه السماء ، كما قال : ثم استوى إلى السماء وهي دخان ثم فتق تلك السماء ، فجعلها سبعا ، ثمّ جعل من ذلك الماء زبدا ، فخلق منه