سبّ آلهتهم مخافة مقابلتهم بمثل ذلك ، فالإنسان لا بدّ وان يحترز عن الذريعة وهي عبارة عن امر غير ممنوع لنفسه ، يخاف من ارتكابه الوقوع في ممنوع وهذا معنى التعريض .
[ سورة البقرة ( 2 ) : آية 105 ] ما يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ ولا الْمُشْرِكِينَ أَنْ يُنَزَّلَ عَلَيْكُمْ مِنْ خَيْرٍ مِنْ رَبِّكُمْ واللَّه يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِه مَنْ يَشاءُ واللَّه ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ ( 105 ) « ما يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا » : كان فريق من اليهود يظهرون المحبّة للمؤمنين ويزعمون انّهم يودّون لهم الخير ، فنزلت الآية ونفى سبحانه عن قلوبهم الودّ والمراد من نفى الودّ ، الكراهة ، اى ما يحبّ الذين كفروا « مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ ولَا الْمُشْرِكِينَ » والمعنى انّ الكفّار بأجمعهم لم يحبّوا « أَنْ يُنَزَّلَ عَلَيْكُمْ » اى على نبيّكم ، لأنّ المنزل عليه ، منزل على أمته « مِنْ خَيْرٍ » و « مِنْ » مزيدة لاستغراق الخير . والخير ، الوحي والقرآن والنصرة « مِنْ رَبِّكُمْ » اى انّهم يرون أنفسهم احقّ بان يوحى إليهم ، فيحسدونكم بناء على انّهم أهل الكتاب والوحي وأبناء الأنبياء ، الناشئون في مهابط الوحي وأنتم اميّون . وامّا المشركون ، فادلالا بما كان لهم من النجدة والجاه زعما منهم انّ رئاسة الرسالة كسائر الرياسات الدنيويّة ولذا قالوا لولا نزّل هذا القرآن على رجل من القريتين عظيم . وهم كانوا يتمنّون ان يكون النبوّة في أحد الرجلين : نعيم بن مسعود الثقفي بالطائف ووليد بن مغيرة بمكّة ، فأجاب اللَّه بقوله « واللَّه يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِه مَنْ يَشاءُ » ومفعول ، من يشاء ، محذوف . والمراد بالرحمة :
النبوة والوحي والحكمة والنصرة وليس لاحد عليه حقّ « واللَّه ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ » على من يختاره بالنبوّة والوحي ، فمن حسد بعبد من عباد اللَّه بنعمة خصّه بها فقد بارز اوّلا ، ربّه ، لأنّه يتسخّط قسمته تعالى ، فكانّه يقول لربّه : لو قسمت هكذا والثاني : انّ فضل اللَّه يؤتيه من يشاء وهو يبخل بفضله والثالث : انّه يريد خذلان ولىّ اللَّه وزوال النعمة عنه والرابع : انّه أعان عدوّ اللَّه يعنى إبليس . ثمّ انّ حسدك