على غير حقيقته ويجرى مجرى التمويه والخداع ومتى اطلق ولم يقيّد ، أفاد ذم فاعله ، قال اللَّه تعالى . وسحروا أعين الناس اى موّهوا عليهم حتّى ظنّوا انّ حبالهم وعصيّهم تسعى . وقال : يخيّل اليه من سحرهم انّها تسعى . وقد يستعار لفظ السحر فيما يحمد ويمدح .
روى انّه قدم على رسول اللَّه صلَّى اللَّه عليه وآله وسلَّم ، زبرقان بن بدر وعمرو بن الأهتم ، فقال صلَّى اللَّه عليه وآله وسلَّم ، لعمرو : خبّرنى عن زبرقان ، فقال : مطاع في ناديه ، شديد العارضة ، مانع لما وراء ظهره ، فقال زبرقان : هو واللَّه يعلم انّى أفضل منه ، فقال عمرو : انّه ذميم المروّة ، ضيق العطن ، أحمق الأب ، لئيم الخال ، يا رسول اللَّه ، صدّقت فيهما ، أرضاني فقلت أحسن ما علمت واسخطنى فقلت أسوأ ما علمت ، فقال رسول اللَّه صلَّى اللَّه عليه وآله وسلَّم : انّ من البيان لسحرا ، فسمّى صلَّى اللَّه عليه وآله وسلَّم بعض البيان سحرا ، لأنّ صاحبه يتصرّف في الذهن بكلامه اللطيف ويوضح الشيء المشكل ، فأشبه السحر الَّذى يستميل القلوب بأعماله ويستنفر ولأنّ المتكلَّم يحسن ما يكون قبيحا ويقبح ما هو حسن ، قال الشاعر :
في زخرف القول تزيين لباطله والحق قد يعتريه سوء تعبير تقول هذا حجال النحل تمدحه وان ذممت فقل قيء الزنابير .
[ سورة البقرة ( 2 ) : آية 103 ] ولَوْ أَنَّهُمْ آمَنُوا واتَّقَوْا لَمَثُوبَةٌ مِنْ عِنْدِ اللَّه خَيْرٌ لَوْ كانُوا يَعْلَمُونَ ( 103 ) « ولَوْ أَنَّهُمْ آمَنُوا » : الضمير راجع إلى اليهود اى أمنوا بالقرآن والنبىّ « واتَّقَوْا » الشرك والسحر « لَمَثُوبَةٌ » مفعلة من الثواب وثاب اى رجع وسمّى الجزاء ثوابا ، لأنّه عوض عمل المحسن ، يرجع اليه ومثوبة ، مبتداء جواب « لو » والتنكير للتقليل ، اى شيء قليل من الثواب « مِنْ عِنْدِ اللَّه خَيْرٌ » خير ، خبر المبتداء ، أصله : لأثيبوا مثوبة من عند اللَّه خيرا ممّا شروا به أنفسهم ، فحذف الفعل وغيّر السبك إلى ما عليه المنظم الكريم ، للدلالة على اثبات المثوبة لهم والجزم بخيريّتها وحذف المفضّل عليه ،