بابل ، فرفع لهما بناء مشرف ، فأقبلا نحوه فإذا ببابه امرأة حسنة ، جميلة ، حسناء ، متزيّنة ، مستبشرة ، مسفرة نحوهما فلمّا تأمّلا حسنها وجمالها وناطقاها وقعت من قلبهما اشدّ موقع واشتدّت بهما الشهوة الَّتي جعلت فيهما ، فما لا إليها ميل فتنة وخذلان وحادثاها وراوداها عن نفسها . فقالت لهما انّ لي دينا أدين به وليس في ديني أن أجيبكما إلى ما تريدان ، الَّا ان تدخلا في ديني ، فقالا : وما دينك ، فقالت : انّ لي الها من عبده وسجد له فهو من ديني وانا مجيبه لما يسأل منّى ، فقالا : وما إلهك ، فقالت ، الهى هذا الصنم ، فنظر كلّ إلى صاحبه ، فقالا : هاتان خصلتان ممّا نهينا عنه ، الزّنا والشرك ، لأنّا إذا سجدنا بهذا الصنم وعبدناه ، أشركنا باللَّه وهوذا ، نحن نطلب الزنا ولا نقدر على مغالبة الشهوة فيه ولن يحصل بدون هذا ، قالا لها : انّا نجيبك إلى ما تريدين ، قالت : فدونكما هذه الخمر ، فاشربا ، فانّها قربان لكما منه وبه تبلغا مرادكما ، فائتمرا بينهما . وقالا : هذه ثلاث خصال نهينا عنها وانّا لا نقدر على الزنا الَّا بهاتين ، ما أعظم البليّة بك ، قد أجبناك ، قالت فدونكما اشربا ، فشربا وسجدا ، ثمّ راوداها ، فلمّا تهيّأت لذلك ، دخل عليها سائل ، فرآهما على تلك الحالة ، فذعرا منه ، فقال السائل ويلكما قد خلوتما بهذه المرأة العطرة الحسناء وقعدتما منها على مثل هذه الفاحشة ، إنكما لرجلا سوء ، لأفعلنّ بكما وخرج على ذلك فنهضت وقالت : لا والهى لا تصلان الآن الىّ وقد اطَّلع هذا الرجل علينا وعرف مكانكما وهو لا محالة مخبر بخبركما ، فبادرا واقتلاه قبل ان يفضحنا جميعا ، ثمّ دونكما فاقضيا وطركما مطمئنين آمنين ، فاسرعا إلى الرجل ، فأدركاه ، فقتلاه ، ثمّ رجعا إليها فلم يرياها وبدت لهما سوآتهما ونزع عنهما رياشهما وسمعا هاتفا : إنكما اهبطتما إلى الأرض بين البشر من خلق اللَّه ساعة من النهار ، فعصيتماه بأربع من كبار المعاصي وقد نهاكما ربّكما عنها فلم تراقباه ولا استحييتما منه وقد كنتما اشدّ من نقم ولام على أهل الأرض المعاصي ولما جعل فيكما من طبع خلقة البشرى وكان قد عصمكم