فقال عليه السّلام : كذبوا في قولهم وما كان اللَّه ليمسخ أعدائه أنوارا مضيئة ، ثمّ يبقيها ما دامت السماوات والأرض وانّ المسوخ لم يبق أكثر من ثلاثة ايّام وما يتناسل منها شيء وما على وجه الأرض ، اليوم مسخ وانّ الَّتى وقع عليها اسم المسوخيّة مثل القرد والخنزير والدّب وأشباههم انّما هي مثل ما مسخ اللَّه على صورها وامّا هاروت وماروت .
فكانا ملكين ، علما الناس السحر ليحترزوا به سحر السحرة ويبطلوا به كيدهم وما علَّما أحدا من ذلك شيئا الَّا قالا له : انّما نحن فتنة فلا تكفر ، فكفر قوم باستعمالهم لما أمروا بالاحتراز عنه وجعلوا يفرّقون بما تعلَّموا بين المرء وزوجه - انتهى .
قال الفيض : أقول وامّا ما كذّبوه عليهم السلام من امر هاروت وماروت فقد ورد عنهم في صحّتها أيضا روايات ، القمّى والعياشي عن الباقر عليه السّلام : انه سئله عطا عن هاروت وماروت ، فقال : انّ الملائكة كانوا ينزلون من السماء إلى الأرض في كلّ يوم وليلة يحفظون اعمال أوساط أهل الأرض من ولد آدم والجنّ ويعرجون بها إلى السماء ، فضجّ أهل السماء من اعمال أوساط أهل الأرض في المعاصي والكذب على اللَّه وجرأتهم عليه سبحانه ونزّهوا اللَّه عمّا يقولون ويصفون ، فقالت طائفة من الملائكة : يا ربّنا اما تغضب ممّا يعمل خلقك في أرضك وممّا يصفون فيك الكذب وعمّا يرتكبونه من المعاصي الَّتي نهيتهم عنها وهم في قبضتك ، فاحبّ اللَّه يرى الملائكة سابق علمه في جميع خلقه ويعرفهم ما منّ به عليهم ممّا طبعهم عليه من الطاعة وعدل به عنهم من الشهوات الانسانيّة ، فأوحى اللَّه إليهم ان انتدبوا منكم ملكين حتّى أهبطهما إلى الأرض وأجعل فيهما الطبائع البشريّة من الشهوة والحرص والأمل كما هو في ولد آدم ، ثمّ اختبر هما في الطاعة الىّ ومخالفة الهوى ، قال :
فندبوا لذلك هاروت وماروت وكانا من اشدّ الملائكة في العيب لولد آدم واستيثار غضب اللَّه عليهم ، فأوحى اللَّه إليهما ان اهبطا إلى الأرض ، فقد جعلت فيكما الشهوات ، كما جعلتها في بني آدم وانّى آمركما ان لا تشركا بي شيئا ولا تقتلا النفس الَّتى حرّمتها ولا تزنيا ولا تشربا الخمر ، ثمّ اهبطا إلى الأرض في صورة البشر ولباسهم ، فهبطا ناحية