يقول : اللهمّ ارزق دحية الإسلام ، فلما أراد دحية الإسلام ، أوحى اللَّه إلى النبي صلَّى اللَّه عليه وآله وسلَّم بعد صلاة الفجر ، ان : يا محمد انّ اللَّه يقرؤك السلام ويقول : إنّ دحية يدخل عليك الآن .
وكان في قلوب الأصحاب شيء من دحية ، من وقت الجاهليّة ، فلمّا سمعوا ذلك ، كرهوا ان يمكّنوا دحية فيما بينهم ، فلمّا علم ذلك الرسول صلَّى اللَّه عليه وآله وسلَّم كره ان يقول لهم مكّنوا دحية ، وكره ان يدخل دحية ، فيوحّشوه ، فيبرد قلبه عن الإسلام ، فلمّا دخل دحية المسجد ، رفع النبىّ صلَّى اللَّه عليه وآله وسلَّم ردائه عن ظهره وبسطه على الأرض بين يديه فقال لدحية : هاهنا - وأشار إلى ردائه - فبكى دحية من كرم رسول اللَّه صلَّى اللَّه عليه وآله وسلَّم ورفع ردائه وقبّله ووضع على رأسه وعينيه وقال : ما شرائط الإسلام ، اعرضها علىّ . فقال صلَّى اللَّه عليه وآله وسلَّم : ان تقول اوّلا ، لا اله الَّا اللَّه ، محمّد رسول اللَّه . فقال دحية ذلك ، ثمّ وقع البكاء على دحية . فقال صلَّى اللَّه عليه وآله وسلَّم : ما هذا البكاء وقد رزقت الإسلام . فقال : انّي ارتكبت خطيئة وفاحشة كبيرة ، فقل لربّك ، ما كفّارته ، ان امرني أن أقتل نفسي ، قتلتها وان امرني ان اخرج من جميع مالي ، خرجت ، فقال : صلَّى اللَّه عليه وآله وسلَّم : وما ذلك يا دحية ، قال : كنت رجلا من ملوك العرب واستنكفت أن تكون لي بنات ، لهنّ أزواج ، فقتلت سبعا من بناتي كلَّهنّ بيدي ، فتحيّر النبيّ صلَّى اللَّه عليه وآله وسلَّم في ذلك حتّى نزل جبرئيل ، فقال : يا محمّد انّ اللَّه يقرؤك السلام ويقول : قل لدحية : وعزّتي وجلالي ، انّك لما قلت : لا إله إلَّا اللَّه غفرت لك كفر ستّين سنة وسيّئات ستّين سنة ، فكيف لا اغفر لك قتل البنات . فبكى صلَّى اللَّه عليه وآله وسلَّم وأصحابه . فقال صلَّى اللَّه عليه وآله وسلَّم : إلهي غفرت لدحية قتل بناته بشهادة أن لا إله إلَّا اللَّه مرة واحدة ، فكيف لا تغفر للمؤمنين بشهادات كثيرة وبقول صادق وبفعل خالص .
[ سورة البقرة ( 2 ) : آية 95 ] ولَنْ يَتَمَنَّوْه أَبَداً بِما قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ واللَّه عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ ( 95 ) : لن ، تأييد للنفي ، اى لا يتمنّوا الموت ، هؤلاء اليهود ، ابدا « بِما قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ » : لحرصهم على الحياة ، لأجل استدراك شهوات أنفسهم وبسبب كثرة معاصيهم ومخالفتهم في دينهم « واللَّه عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ » : واللَّه عالم بظلمهم في حقّ أنفسهم ومخالفتهم في كتابهم .