الأنبياء كعيسى عليه السّلام ومحمّد صلَّى اللَّه عليه وآله وسلَّم « كَذَّبْتُمْ » ونسبتم إليهم الكذب « وفَرِيقاً تَقْتُلُونَ » وقال تقتلون ولم يقل قتلتم لشناعة هذا الأمر ولثبوت عارها عليهم وعلى من بعدهم من أخلافهم ، لأنّهم رضوا ، بل كانوا على هذه النيّة ، بل الفعل لأنّهم حاولوا قتل محمّد صلَّى اللَّه عليه وآله وسلَّم لولا ان عصمه اللَّه وسمّوا الشاة حتّى قال صلَّى اللَّه عليه وآله وسلَّم عند موته ما زالت أكلة جزر تواجعنى ، فهذا أوان انقطاع أبهري . وهو عرق منبسط في القلب إذا انقطع مات واعلم : أنّ هوى النفس داء قتّال ، وللنفس صفات سبع كلَّها مذمومة : العجب والكبر والرياء والغضب والحسد وحب المال وحبّ الجاه . ولجهنّم سبعة أبواب فمن زكّى نفسه عن هذه السبع فقد أغلق السبعة ودخل الجنّة . فيا حملة الأوزار وحفظة المال المستعار ألهاكم حب الرزق عن الرزّاق واشتغلت طول النهار في الصفق بالأسواق ، يا عمّار الخراب ويا شرّاب السراب إلى متى ؟ وقد قاربت الخمسين ! فاقتصر وقد وهنت ركبتاك وذابت أليتاك ولا عطر بعد عروس ، ما هي إلَّا أنفاس تتردّد وستنقطع ، وقامات تتمدّد وتتقوس فتنقطع ، فارغم أنف الشيطان وخالف هواك الحرص فقابله بالقناعة ، والأمل فاكسر بمفاجأة الأجل ، والتمتّع باللذائذ فقابله بطول الحساب في الموقف الصعب الكبير ، والأنانيّة بالتواضع للفقراء من المؤمنين ، وحبّ المال والبخل فأكسره بالبذل والعطاء حتّى تكون من أهل الورع ، ولا أقلّ من أقلّ درجتهم ، فإنّ درجات الورع أربعة الأولى : من الحرام وهي الدّرجة العامّة . الثانية : ورع الصالحين وهي التي يتطرّق فيها الشبهة ، قال اللَّه : الذين يستمعون القول فيتّبعون أحسنه . الثالثة : ورع المتّقين يتورع عن الزينة وأكل اللَّذائذ والشهوات مع انّها حلال خيفة ان يجمح النفس ويدعو إلى الشهوات المحظورة كالنظر إلى تجمّل أهل الدنيا فانّه يحرّك دواعي الرغبة في الدنيا قال اللَّه : ولا تمدّنّ عينيك إلى ما متّعنا به أزواجا . قال عيسى عليه السّلام لا تنظروا إلى أموال أهل الدنيا فانّ بريق أموالهم يذهب بحلاوة ايمانكم وقد قيل من رقّ ثوبه رقّ دينه الرابعة : ورع الصدّيقين وهو الحذر عن كلّ ما لا يراد بتناوله القوّة على طاعة اللَّه أو كان قد تطرّق إلى بعض أسبابها معصيته ومن ذلك انّ بشر الحافي كان لا يشرب الماء من الأنهار التي حفرها الأمراء والسلاطين .