الجزية والاستصغار . ويوم يقام فيه الاجزية - ولذا سميت القيامة - يردّون ويرجعون إلى اشدّ العذاب وهو التعذيب في جهنّم ، لأنّ كلّ عذاب ينقطع وعذابهم لا ينقطع واللَّه ليس بغافل عن أعمالكم .
[ سورة البقرة ( 2 ) : آية 86 ] أُولئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الْحَياةَ الدُّنْيا بِالآخِرَةِ فَلا يُخَفَّفُ عَنْهُمُ الْعَذابُ ولا هُمْ يُنْصَرُونَ ( 86 ) « أُولئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الْحَياةَ الدُّنْيا بِالآخِرَةِ » : إشارة إلى الذين اخبر عنهم بأنّهم يؤمنون ببعض الكتاب ويكفرون ببعض : اى الموصوفون بهذه الصفة الذين استبدلوا الحياة الفانية بالحياة الباقية واعرضوا عنها لبعض منافعهم وأغراضهم الفاسدة فاقطع علاقتك عمّا يفارقك بالموت والزم الاقتصار في الالتفات إلى لازمك الذي لا بدّ لك منه وهو اللَّه . وقد أوحى اللَّه إلى داود : يا داود انا بدّك اللازم فالزم بدّك . وهو الكمال الحقيقي والمال والبنون شهوات وزينة الحياة الدنيا وهي كمالات وهميّة وليست الشهوة واحدة وعشرة . وقد يكون الإنسان قد قمع عن نفسه جميع الشهوات ، لكن لم يقمع عن طلب حسن الثناء والخلوص وهو قاتله ، فلو فرضنا انّ جميع أهل الأرض سجد لك ، أليس في مدّة قليلة لا يبقى الساجد والمسجود فكيف تترك الجاه العريض الطويل عند اللَّه وتختار هذا الكمال الوهميّ الزائل من قبول جماعة من الناس الذين لا يملكون لك موتا ولا حيوة ولا رزقا ولا أجلا وخطر الجاه أعظم من خطر المال ، لأنّ قليل الجاه يدعو إلى كثيره ، لأنّه الذّ من المال . ولا يسلم من هذه الآفة إلَّا خامل مجهول .
قال عيسى عليه السّلام : يا طالب الدنيا للبر ، تركك لها أبرّ . اعلم أن المال كالدواء والنافع منه قدر مخصوص ، والإفراط منه قاتل ، والقرب من الإفراط ممرض ، والعبد مسافر إلى اللَّه ، والدنيا منزل من منازل سفره ، وبدنه راحلته ، ولا يمكنه السفر إلَّا بالرّاحلة ، والراحلة لا بدّ لها من علوفة ، ولم يؤخذ من العلوفة إلَّا قدر مسافة السفر ، والزائد ثقل ووبال ، فاقنع من الدنيا بزاد الراكب ، كما قال رسول اللَّه صلَّى اللَّه عليه وآله وسلَّم لسلمان :