« وأَقِيمُوا الصَّلاةَ وآتُوا الزَّكاةَ » : كما فرضا عليهم ، ذكرهما تخصيصا مع دخولهما في العبادة المذكورة . تلخيصه أخذنا عهدكم يا بني إسرائيل بجميع المذكور فقبلتم « ثُمَّ تَوَلَّيْتُمْ » ورفضتم الميثاق « إِلَّا قَلِيلًا مِنْكُمْ » وهم من الاسلاف من ايّام اليهوديّة على وجهها ومن الأخلاف كعبد اللَّه بن سلام وأضرابه فهؤلاء مستثنون والباقون ضلَّوا واضلَّوا .
« وأَنْتُمْ مُعْرِضُونَ » : جملة تذييليّة اى وأنتم قوم عادتكم العناد والاعراض عن الحق واصل الاعراض الذهاب عن المواجهة . والعبادة من وظيفة العبوديّة ولا يحصل العبوديّة الَّا بها وهي تفرّد العبد لإطاعة خالقه وتجرّده عن كلّ مقصود سواه ، فمن لاحظ خلقا ، أو استجلى ثناء ، أو استجلب بطاعته إلى نفسه حظَّا من حظوظ الدنيا .
مع قصده بها ، أو داخله مزج أو شوب ، فهو ساقط عن مرتبة الإخلاص ، وإذا حصل هذا المقام للإنسان يتمّ امره بساعة وينقلب إلى أهله مسرورا ، كما وقع لجماعة كثيرة رجعوا إلى اللَّه وتجافوا عن دار الغرور بلحظة .
[ سورة البقرة ( 2 ) : آية 84 ] وإِذْ أَخَذْنا مِيثاقَكُمْ لا تَسْفِكُونَ دِماءَكُمْ ولا تُخْرِجُونَ أَنْفُسَكُمْ مِنْ دِيارِكُمْ ثُمَّ أَقْرَرْتُمْ وأَنْتُمْ تَشْهَدُونَ ( 84 ) « وإِذْ أَخَذْنا مِيثاقَكُمْ لا تَسْفِكُونَ دِماءَكُمْ » : واذكروا ايّها اليهود ، وقت أخذنا إقراركم وعهدكم في التوراة وقلنا لكم لا يريق بعضكم دم بعض . جعل غير الرجل نفسه ، لما بينهم من الاتصال القوىّ نسبا ودينا فأجرى كلّ واحد منهم مجرى أنفسهم . وقيل : إذا قتل غيره فكأنّما قتل نفسه ، لأنّه يقتصّ منه وهو اخبار في معنى النهى .
« ولا تُخْرِجُونَ أَنْفُسَكُمْ مِنْ دِيارِكُمْ » : اى لا يخرج بعضكم بعضا من دياره أو لا تسبّوا ولا تؤذوا جيرانكم ، فتلجؤهم إلى الخروج وفي اقتران الإخراج من الديار بالقتل ، إيذان بأنه بمنزلة القتل .
« ثُمَّ أَقْرَرْتُمْ » : بالميثاق وألزمتم على أنفسكم واعترفتم بوجوب المحافظة عليه « وأَنْتُمْ تَشْهَدُونَ » : عليها ، تأكيد للإقرار ، مثل قولك : فلان مقرّ على نفسه بكذا ،