وقرء بضمّ الحاء واسكان السين مبالغة لفرط حسنه . امر اللَّه سبحانه بالإحسان بالمال في حقّ أقوام مخصوصين وهم الوالدان والأقرباء واليتامى والمساكين . ولمّا كان المال لا يسع الكلّ ، امر بمعاملة الناس كلَّهم بالقول الجميل الَّذى لا يعجز عنه كلّ أحد ، اى ألينوا لهم القول بحسن المعاشرة وحسن الخلق وأمروهم بالمعروف وانهوهم عن المنكر قيل :
المراد : قولوا للناس صدقا وحقّا في شأن محمّد صلَّى اللَّه عليه وآله وسلَّم ، فمن سألكم عنه فاصدقوا وبيّنوا صفته ولا تكتموا امره وقد امر اللَّه الخلق في هذه الآية بما هو صلاح دينهم وديناهم .
قال الصادق عليه السّلام : قولوا للناس حسنا كلَّهم ، مؤمنيهم ومخالفيهم ، امّا المؤمنون فيبسط لهم وجهه وبشره وامّا المخالفون فيكلَّمهم بالمداراة لاجتذابهم إلى الايمان ، فان يئس من ذلك يكف شرورهم عن نفسه وإخوانه المؤمنين . قال : انّ مداراة أعداء اللَّه من أفضل الصدقة من المرء على نفسه وإخوانه . كان رسول اللَّه في منزله إذا استأذن عليه عبد اللَّه بن أبي بن سلول ، فقال رسول اللَّه صلَّى اللَّه عليه وآله وسلَّم : بئس أخو العشيرة . ائذنوا له ، فلمّا دخل أجلسه وبشر في وجهه ، فلمّا خرج قالت له عائشة : يا رسول اللَّه قلت فيه ما قلت وفعلت فيه من البشر ما فعلت . فقال صلَّى اللَّه عليه وآله وسلَّم : يا عويش يا حميراء انّ شرّ الناس عند اللَّه يوم القيامة من يكرم اتقاء شرّه . وفي الكافي والعياشيّ عن الباقر عليه السّلام في هذه الآية قال : قولوا للناس أحسن ما تحبّون ان يقال لكم ، فانّ اللَّه يبغض اللعان السباب الطعان على المؤمنين المتفحش السائل المتلحّف ويحبّ الحييّ الحليم العفيف المتعفّف .
وفي الكافي عن الصادق عليه السّلام : لا تقولوا الَّا خيرا حتى تعلموا ما هو . وفي التهذيب والخصال والعياشي عن الباقر عليه السّلام : انّها نزلت في أهل الذمة ثم نسخها قوله : فاقتلوا الذين لا يؤمنون باللَّه واليوم الآخر ولا يحرّمون ما حرّم اللَّه ورسوله ولا يدينون دين الحقّ من الذين أوتوا الكتاب حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون . والقمي ، نزلت في اليهود ، ثمّ نسخت بقوله : اقتلوا المشركين حيث وجدتموهم ، فان قيل : فما وجه التوفيق بين نسخها وبقاء حكمها ، فالجواب : انّها نسخت في حقّ اليهود وأهل الذمّة المأمور بقتالهم ومن هو في حكمهم وبقي حكمها في سائر النّاس إلى يوم القيامة .