اللساني من الأسماء والصفات ، فتذكره سبحانه مع التوجّه إلى معانيها مثل ان تقول يا رحيم ، أو مثلا يا جواد ، تكون تعرف معنى هذه النسبة اليه تعالى ، فانّ معنى الجود بالنسبة اليه إفادة ما ينبغي لا لغرض وكلّ أحد غيره انّما يجود ويعطى ، ليأخذ عوضا لطلب الخدمة ، أو لطلب ثناء الجميل ، أو لطلب الإعانة ، أو لطلب الثواب ، أو لدفع الرقّة الجنسيّة من القلب ، أو ليزيل حبّ المال عن قلبه وكلّ هذه في الحقيقة معاوضة وتحصيل كمال ، لكنّ الحق سبحانه كامل في ذاته ، فإذا قلت يا جواد ، اعرف ما تقول ، حتى لا يكون ذكرك لقلقة اللسان .
قوله تعالى : [ سورة البقرة ( 2 ) : آية 75 ] أَفَتَطْمَعُونَ أَنْ يُؤْمِنُوا لَكُمْ وقَدْ كانَ فَرِيقٌ مِنْهُمْ يَسْمَعُونَ كَلامَ اللَّه ثُمَّ يُحَرِّفُونَه مِنْ بَعْدِ ما عَقَلُوه وهُمْ يَعْلَمُونَ ( 75 ) كان النبىّ صلَّى اللَّه عليه وآله وسلَّم شديد الحرص على الدعاء إلى الحق وقبولهم الايمان منه وكان يضيق صدره بسبب عنادهم وتمرّدهم ، فقصّ اللَّه سبحانه عليه اخبار بني إسرائيل في العناد العظيم مع مشاهدة الآيات الباهرة ، تسلية لرسوله فيما يظهر من اليهود في زمانه من قلَّة القبول والاستجابة . والخطاب للنبىّ وأصحابه .
وحاصل المعنى : أبعد ان علمتم تفاصيل شؤونهم المؤيسة « أَفَتَطْمَعُونَ » :
في « أَنْ يُؤْمِنُوا » جميع اليهود أو علمائهم فانّهم متماثلون في شدّة الشكيمة والأخلاق الذميمة ولا يتأتّى من اخلافهم الَّا مثل ما اتى من أسلافهم ، فلا تحزنوا على تكذيبهم « لَكُمْ » اى لأجل دعوتكم « وقَدْ كانَ فَرِيقٌ » والحال قد كان فريق كائن « مِنْهُمْ » وطائفة ممّن سلف منهم - والفريق اسم جمع لا واحد له من لفظه كالرهط « يَسْمَعُونَ كَلامَ اللَّه » وهو ما يتلونه في التوراة « ثُمَّ يُحَرِّفُونَه » ويغيّرون ما فيه من الأحكام ، كتغييرهم لصفة محمّد صلَّى اللَّه عليه وآله وسلَّم وآية الرجم وقيل : كان قوم من السبعين المختارين ، سمعوا كلام اللَّه ، حين كلَّم اللَّه موسى بالطور ، وما امر به وما نهى ، ثمّ قالوا سمعنا اللَّه يقول في آخره : ان استطعتم ان تفعلوا هذه الأشياء فافعلوا وان شئتم ان لا تفعلوا فلا بأس . وهذه الأمور من تحريفاتهم .