انّكم قتلتم نفسا فتدافعتم فيها أمرناكم بأن تضربوه ببعضها ليكشف امره وأضيف القتل إلى اليهود المعاصرين لرسول اللَّه على عادة العرب ، في خطاب الأبناء والأحفاد بخطاب الاسلاف والأجداد وخطاب العشيرة لواحد يقال فعلت بنو تميم وإن كان الفاعل واحدا وفيه وجه آخر وهو أن يكون الخطاب لمن كان في زمن موسى وتقديره وقلنا لهم :
وإذ قتلتم نفسا فادّارأتم فيها ، اى كلّ واحد دفع قتل النفس عن نفسه والضمير في قوله فيها ، راجع إلى النفس ، أو إلى القتلة ، اى اختلفتم ، لأنّ قوله قتلتم ، تدلّ على المصدر ، لكن عودها إلى النفس أولى .
« واللَّه مُخْرِجٌ ما كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ » : اى مظهر ما كنتم تسترون من القتل أو مخرج من غامض اسراركم ومطلع ما كان آباؤكم يكتمونه وأنتم تكتمونه والخطاب لليهود في زمن النبي صلَّى اللَّه عليه وآله وسلَّم واستعمل مخرج في الكلام مع انّه في معنى الماضي لأنّه على سبيل الحكاية ، فحكى ما كان مستقبلا في وقت التدارؤ ، كما حكى الحاضر في قوله : باسط ذراعيه .
« فَقُلْنا اضْرِبُوه بِبَعْضِها » : فضربوه فحيي ولعلّ السرّ في هذا الأمر بهذا الترتيب مع انّه قادر على أن يحييه بأقل من طرفة العين ، لاغناء ذلك الفتى البار بوالده وأمر اللَّه بتقديم هذه القربة تعليما لكلّ من غمض عليه امر من الأمور ، ان يتقدّم نوعا من القرب ، قبل ان يسأل اللَّه كشف ذلك عنه ، ليكون أقرب إلى الإجابة .
« كَذلِكَ يُحْيِ اللَّه الْمَوْتى » على إرادة القول ، اى وقلنا كذلك ، فالخطاب في كذلك للحاضرين عند حياة القتيل ، اى مثل ذلك الأحياء العجيب ، يحيى اللَّه الموتى يوم القيامة ، أو الخطاب لمنكري البعث ، من مشركي العرب ، في زمان النبي صلَّى اللَّه عليه وآله وسلَّم والحاضرين عند نزول الآية الكريمة ، فلا حاجة حينئذ على تقدير القول ، بل تنتهي الحكاية عند قوله ببعضها .
« ويُرِيكُمْ آياتِه » : اى دلائله الدالَّة على أنّه على كلشيء قدير .
« لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ » : اى لكي تكمل عقولكم وتعلموا انّ من قدر على احياء