الجمعة ، وقال : يا رسول اللَّه ملكت الكراع والمواشي ، واجدبت الأرض ، فادع اللَّه ان يسقينا ، فرفع يديه ، ودعا متذلَّلا ، متواضعا ، متخشعا قال انس : والسماء كأنّها زجاجة ، ليس فيها قزعة ، فنشأت سحابة ومطرت إلى الجمعة القابلة . وترك الدعاء لكشف الضرّ مذموم عند أهل الطريقة ، لأنّه كالمقاومة مع اللَّه ، ودعوى التحمّل لمشاقّه . قال ابن الفارض :
ويحسن اظهار التجلد للعدى ويقبح غير العجز عند الأحبّة قال أمير المؤمنين عليه السّلام : للدعاء شروط ، الأول همّ مجموع . والثاني اخلاص السريرة والثالث معرفة المسؤول والرابع الإنصاف في المسألة .
روى انّ موسى عليه السّلام مرّ برجل ساجد يبكى ويتضرع ، فقال موسى يا ربّ ، لو كانت حاجة هذا العبد بيدي ، لقضيتها ، فأوحى اللَّه اليه ، يا موسى انّه يدعوني وقلبه متعلق ومشغول بغنمه ، فلو سجد حتى ينقطع صلبه وشق عيناه ، لم استجب له حتى يتحوّل عمّا ابغض إلى ما أحب .
قال النبي صلَّى اللَّه عليه وآله وسلَّم : انّ العبد ليرفع يديه إلى اللَّه ومطعمه حرام وملبسه حرام ، فكيف يستجاب له وهذه حاله قال أمير المؤمنين عليه السّلام : لو أنّ الناس إذا زالت عنهم النعم ، وحلَّت بهم النقم ، فزعوا إلى اللَّه بصدق نيّاتهم ، ووله من نفوسهم ، لردّ عليهم كل شارد ، ولأصلح لهم كلّ فاسد ولأصلح لهم كلّ فاسد ، ولكنّهم اخلَّوا بشكر النعم ، فسلبوها وان اللَّه يعطى بشرط الشكر لها والقيام فيها بحقوقها ، فإذا أخل بالشكر ، كان للَّه التغيير والتقتير . واللَّه ما نزع اللَّه من قوم نعماؤه ، إلَّا بذنوب اجترحوها ، فقيّدوها بالطاعة وأقرب الناس إلى الإجابة ، الطائع المضطرّ ، الذي لا بدّ له ممّا سئله ، خصوصا عند نفاد الصبر .
واعلم ، انّ كرمه وجوده لا يتعدّيان حكمته ، قال اللَّه : ولو اتّبع الحق أهوائهم لفسدت السماوات والأرض ومن فيهن ، سبحان من عطائه كرم ، ومنعه عدل وفضل ، ولا ييأس العبد من تأخير الإجابة ، فيقصر في الدعاء . وقد كان بين إجابة موسى وهارون ، في فرعون ، أربعين سنة ، من حين قال لهما : قد أجيبت دعوتكما .