يغتسل وحده ، فوضع ثوبه على حجر ، ففرّ الحجر بثوبه ، فخرج موسى بأثره ، يقول ثوبي يا حجر ، حتى نظرت بنو إسرائيل إلى سوأة موسى ، فقالوا : واللَّه ما بموسى أدرة وهي بالضم ، نفخة بالخصية . وامّا للجنس ، اى اضرب الشيء الذي يقال له الحجر . وهو الأظهر في الحجّة ، وأبين على القدرة ، فانّ إخراج الماء ، بضرب من العصا من الحجر اىّ حجر كان ، ادلّ على ثبوت نبوّة موسى من إخراج الماء من حجر معهود ، لاحتمال ان يذهب إلى تلك الخاصيّة ، في ذلك الحجر المعيّن ، كخاصيّة جذب الحديد في حجر المغناطيس .
« فَانْفَجَرَتْ » : والانفجار - الانسكاب والانبجاس - الترشح « مِنْه » اى : من ذلك الحجر « اثْنَتا عَشْرَةَ عَيْناً » : ماء عذبا ، على عدد الأسباط ، لكلّ سبط عين . وكان يضربه بعصاه إذا نزل فيتفجر . ويضربه إذا ارتحل فييبس « قَدْ عَلِمَ كُلُّ أُناسٍ » أي كلّ سبط من الأسباط الاثني عشر « مَشْرَبَهُمْ » اى عينهم الخاصّة بهم والمشرب ، المصدر والمكان . والحكمة في ذلك ، انّ الأسباط كانت بينهم عصبيّة ومباهاة . وكلّ سبط منهم لا يتزوّج من سبط آخر وكلّ سبط أراد تكثير نفسه ، فجعل اللَّه لكلّ سبط مشربا لكيلا يقع بينهم جدال وخصومة . وكانوا ستمائة ألف . وسعة المعسكر ، اثنى عشر ميلا ، ومن أنكر أمثال هذه المعجزات ، فلغاية جهله باللَّه وقدرته ، فانّه لمّا أمكن ان يكون من الأحجار ، ما يجذب الحديد ، لم يمنع أن يخلق اللَّه حجرا يسخره لجذب الماء من تحت الأرض ، أو لجذب الهواء من الجوانب ويجعله ماءا بقوة التبريد . ومعنى المعجزة أن تكون خارجة عن العاديّات والأسباب ، كما ظهر أعجب منها من انفجار الماء من يد نبيّنا ، من بين أصابعه ، من لحم ودم « كُلُوا » : اى قلنا لهم أو قيل لهم « كُلُوا واشْرَبُوا مِنْ رِزْقِ اللَّه ولا تَعْثَوْا فِي الأَرْضِ مُفْسِدِينَ » : العثى ، اشدّ الفساد ، لأنّ الفساد قد يكون ظاهره فسادا لكن باطنه ليس بفساد ، وأمّا العثى ، الفساد القبيح ظاهرا وباطنا . اى لا تتمادوا في الفساد ، حالكونكم مفسدين .
وقد استسقى نبيّنا صلَّى اللَّه عليه وآله وسلَّم روى عن جندبه : انّ اعرابيّا دخل عليه صلَّى اللَّه عليه وآله وسلَّم يوم