[ سورة البقرة ( 2 ) : آية 58 ] وإِذْ قُلْنَا ادْخُلُوا هذِه الْقَرْيَةَ فَكُلُوا مِنْها حَيْثُ شِئْتُمْ رَغَداً وادْخُلُوا الْبابَ سُجَّداً وقُولُوا حِطَّةٌ نَغْفِرْ لَكُمْ خَطاياكُمْ وسَنَزِيدُ الْمُحْسِنِينَ ( 58 ) ذكر سبحانه في الآيات السابقة ، نعمة الدنيوية عليهم ، كتظليل الغمام ، وإنزال المنّ والسلوى وذكر في هذه الآية ، نعمة الدينية عليهم ، فقال : واذكروا يا بني إسرائيل « إِذْ قُلْنَا » قولنا ، لآبائكم ، بعد ما أنفذتم ، من التيه « ادْخُلُوا هذِه الْقَرْيَةَ » واختلف في القرية ، قال جماعة ، مثل قتادة وأبي مسلم ، والربيع انّها بيت المقدس واستدلَّوا عليه ، بقوله في المائدة « ادْخُلُوا الأَرْضَ الْمُقَدَّسَةَ الَّتِي كَتَبَ اللَّه لَكُمْ » وقيل انّها مصر وقال ابن عباس وجماعة : انّها أريحا وهي قرية قريبة من بيت المقدس وقالوا :
لا يجوز أن تكون القرية ، بيت المقدس ، لأنّ الفاء في قوله : فبدّل الذين ظلموا قولا يقتضى التعقيب ، فوجب ان يكون ، ذلك التبديل ، وقع منهم عقيب الأمر بالدخول ، في حيوة موسى وموسى مات في التيه ولم يدخل بيت المقدس ، فحينئذ ليس المراد من هذه القرية ، بيت المقدس ، وأجاب الأوّلون بانّه ، ليس في هذه الآية ، انّا قلنا لهم ادخلوا هذه القرية ، على لسان موسى ، أو على لسان يوشع ، فيمكن ان يكون علي لسان يوشع ، فيزول الأشكال .
« فَكُلُوا مِنْها حَيْثُ شِئْتُمْ رَغَداً » : الأمر للإباحة ، اى أكلا واسعا هنيئا وأبحنا لكم ، فتعيشوا منها ، انّى شئتم بلا مشقّة ولا منع ودخولهم على وجه السكونة والدوام ، لقوله في سورة الأعراف : اسكنوا هذه « وادْخُلُوا الْبابَ » : اى بابا من أبواب القرية وكان لها ، سبعة أبواب والمراد من الباب الثاني ويعرف اليوم ، بباب حطَّة ، أو باب القبّة ، التي يتعبّد موسى وهارون ويصليان مع بني إسرائيل ، إليها « سُجَّداً » اى ركّعا منحنين ، ناكسي رؤسكم بالتواضع ، على أن يكون المراد به ، معناه الحقيقي وقيل : المراد من السجود ، نفس السجود ، الذي هو الصاق الوجه ، بالأرض ، على أن يكون المراد به معناه الشرعي ، قال الرازي وهذا بعيد ، لأنّ الظاهر ، يقتضى وجوب الدخول ، حال السجود ، فيمتنع ذلك ، والمعنى الأول ، أولى وأقرب