المشي ، فاحملني وأخرجني من مصر ، هذا في الدّنيا وامّا في الآخرة فأسئلك ان لا تنزل غرفة إلا نزلتها معك ، قال موسى نعم ، قالت انّه في جوف الماء في النيل ، فادع اللَّه ان يجيز عنه الماء ، فدعا اللَّه ان يؤخر طلوع الفجر إلى أن يفرغ موسى من امر يوسف فحفر ذلك الموضع ، واستخرجه في صندوق من صنوبر ، وسبب ان قبره كان جوف النيل لأمر يطول شرحه ، والمجمل منه استبراك أهل مصر بماء النيل ، بمجاورة الماء قبره ، حتى تعم البركة ، الفقير والغنى ، والقريب والبعيد من صعيد مصر ، فاستخرج تابوت يوسف من قعر النيل ، وحمله ودفنه في أرض الشام ، ففتح لهم الطريق ، ثم ساروا ، فكان هارون أمام بني إسرائيل ، وموسى على ساقتهم ، فلمّا علم بذلك فرعون جمع قومه ، وخرج في طلب بني إسرائيل ، وعلى مقدّمته هامان في ألف ألف وسبعمائة ألف جواد ذكر ليس فيه رمكة ، على رأس كلّ واحد منه بيضة ، وفي يده حربة ، فسارت بنو إسرائيل حتى وصلوا إلى البحر ، فأدركهم فرعون حين أشرقت الشمس ، فقال فرعون في أصحاب موسى ، انّ هؤلاء لشرذمة قليلون ، فلمّا نظر أصحاب موسى إليهم ، بقوا متحيّرين ، فقالوا لموسى أنّا لمدركون يا موسى أوذينا من قبل ان تأتينا ومن بعد ما جئتنا اليوم نهلك ، فانّ البحر أمامنا ، ان دخلناه غرقنا ، وفرعون خلفنا ، ان أدركنا قتلنا ، كيف نصنع ، وأين ما وعدتنا ، قال موسى كلَّا انّ معي ربّى سيهديني ، فأوحى اللَّه إلى موسى ، أن اضرب بعصاك البحر ، فضربه فلم يطعه ، وأوحى اللَّه اليه ان كنّه فضربه ، وقال انفلق يا أبا خالد ، فانفلق فصار فيه اثنا عشر طريقا ، كلّ طريق كالجبل العظيم ، فكان لكلّ سبط طريق يأخذون فيه ، فخاضت بنو إسرائيل البحر ، ولا يرى بعضهم بعضا ، فقالوا ما لنا لا نرى إخواننا ، وقال كلّ سبط قد قتل إخواننا ، قال موسى سيروا فانّهم على طريق مثل طريقكم ، قالوا لا نرضى حتّى نراهم ، فقال موسى اللهم أعنّي على أخلاقهم السيّئة ، فأوحى اللَّه إلى موسى أشر بعصاك يمنة ويسرة فصار فيها كوىّ ينظر بعضهم بعضا ، ويسمع بعضهم بعضا ، فساروا حتّى خرجوا من البحر .
فلمّا جاز آخر قوم موسى ، هجم فرعون على البحر ، فرآه منفلقا ، قال لقومه