موتهم ، وملاقوا ربّهم بذنوبهم ، ولشدّة إشفاقهم من ذنوبهم ، يكونون على وجل وحذر ، ولا يركنون إلى الدنيا والمراد من اللقاء ليس لقاء الرؤية ، بل لقاء ما يسرّه ويضرّه .
« وأَنَّهُمْ إِلَيْه راجِعُونَ » : فان قيل انّهم ما كانوا قطَّ في الآخرة ، فيعودوا ويرجعوا إليها ، فالمراد انّهم بالإعادة راجعون في الآخرة ، وقيل يرجعون بالموت كما كانوا في الحال المتقدّمة على حياتهم لأنّهم كانوا أمواتا واعداما ابتداء ، فأحيوا ثمّ يموتون ، فيرجعون بحال الأوّل أمواتا كما كانوا ، أو المعنى انّهم يرجعون إلى موضع لا يملك لهم أحد ضرّا ولا نفعا ، لأنّهم في حال حياتهم قد يملك عليهم الأمر والحكم ، ورجوعهم إلى المحشر وحكمه رجوع اليه تعالى .
[ سورة البقرة ( 2 ) : آية 47 ] يا بَنِي إِسْرائِيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وأَنِّي فَضَّلْتُكُمْ عَلَى الْعالَمِينَ ( 47 )
[ سورة البقرة ( 2 ) : آية 47 ] يا بَنِي إِسْرائِيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وأَنِّي فَضَّلْتُكُمْ عَلَى الْعالَمِينَ ( 47 ) « يا بَنِي إِسْرائِيلَ اذْكُرُوا » : اى اشكروا « نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ » بها « عَلَيْكُمْ » بانزال المنّ والسلوى ، وتظليل - الغمام ، وتفجير الماء من الحجر وغيرها ، وذكر النعم على الآباء الزام الشكر على الأبناء ، فانّهم يشرّفون بشرفهم ، ولذلك خاطبهم بقوله « وأَنِّي فَضَّلْتُكُمْ عَلَى الْعالَمِينَ » : اى فضّلت ايّامكم على عالمي زمانهم بما منحتهم من العلم والايمان ، والعمل الصالح ، وجعلتهم أنبياء وملوكا مقسطين ، وهذا كما قال في حقّ مريم : واصطفاك على نساء العالمين ، اى نساء زمانك فالاستغراق في العالمين عرفىّ لا حقيقىّ[ سورة البقرة ( 2 ) : آية 48 ] واتَّقُوا يَوْماً لا تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ شَيْئاً ولا يُقْبَلُ مِنْها شَفاعَةٌ ولا يُؤْخَذُ مِنْها عَدْلٌ ولا هُمْ يُنْصَرُونَ ( 48 )
[ سورة البقرة ( 2 ) : آية 48 ] واتَّقُوا يَوْماً لا تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ شَيْئاً ولا يُقْبَلُ مِنْها شَفاعَةٌ ولا يُؤْخَذُ مِنْها عَدْلٌ ولا هُمْ يُنْصَرُونَ ( 48 ) وكان اليهود يقولون نحن من أولاد الأنبياء ، واللَّه يقبل شفاعتهم فينا ، فأنزل اللَّه هذه الآية ردّا عليهم ، فقال « واتَّقُوا » : واخشوا يا بني إسرائيل ، « يَوْماً » يوم القيمة اى حساب ذلك اليوم ، فهو من ذكر المحلّ ، وإرادة الحال « لا تَجْزِي » ولا تؤدّى ، ولا تغنى والعائد محذوف « نَفْسٌ » مؤمنة « عَنْ نَفْسٍ » كافرة « شَيْئاً » ما من الحقوق الَّتى لزمت