دلّ عليه اهبطوا منها ، وانّ متّبع الهدى مأمون العاقبة ، لقوله فلا خوف ، وانّ عذاب النار دائم ، والكافر مخلَّد فيه ، وانّ غيره لا يخلَّد فيه ، بمفهوم قولة تعالى « هُمْ فِيها خالِدُونَ » فانّه يفيد الحصر .
حكى انّ مالك ابن دينار مرّ يوما على صبيّ وهو يلعب بالتراب يضحك تارة ويبكى أخرى ، قال مالك فهممت ان أسلَّم عليه ، فامتنعت نفسي تكبّرا ، فقلت يا نفس كان النّبى صلَّى اللَّه عليه وآله وسلَّم يسلَّم على الصغار والكبار ، فسلَّمت عليه ، فقال وعليك السلام يا مالك ، فقلت من اين عرفتني ولم تكن رأيتني ، فقال حيث التفت روحي بروحك في عالم الملكوت ، عرّف بيني وبينك الحىّ الَّذى لا يموت ، فقلت ما الفرق بين العقل والنفس ، قال نفسك الَّتى منعتك عن السلام ، وعقلك الَّذى بعثك عليه ، فقلت ما بالك تلعب بهذا التراب ، فقال لأنّا منه خلقنا واليه نعود ، فقلت أراك تضحك تارة وتبكى أخرى ، قال نعم : إذا ذكرت عذاب ربّى بكيت ، وإذا ذكرت رحمته ضحكت ، فقلت يا ولدي اىّ ذنب لك حتى تبكى ، فقال يا مالك لا تقل هذا فانّى رأيت امّى لا توقد الحطب الكبار الَّا ومعه الحطب الصّغار ، ونقل مثل هذه الحكاية يعنى فقرة الأخيرة منها عن يحيى بن زكريّا .
قوله تعالى : [ سورة البقرة ( 2 ) : آية 40 ] يا بَنِي إِسْرائِيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وأَوْفُوا بِعَهْدِي أُوفِ بِعَهْدِكُمْ وإِيَّايَ فَارْهَبُونِ ( 40 ) « يا بَنِي إِسْرائِيلَ » الابن ، والولد ، والنسل ، والذريّة متقاربة المعاني ، الَّا انّ الابن للذكر ، والولد يقع على الذكر والأنثى ، والنسل والذريّة يقع على الجميع ، والابن أصله من البناء ، وهو وضع الشيء على الشيء والأبن مبنيّ على الأب ، لأنّ الابن فرع الأب ، فبنى عليه ، والبنوّة مصدر الأبن وان كان من الياء كالفتوّة مصدر الفتى وإسرائيل هو يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم الخليل ، واسرا معناه العبد ، وايل :
اللَّه ، بلغة العبرانيّة ، فمعناه عبد اللَّه ، وكذلك جبرئيل وميكائيل ، ولمّا ذكر انعاماته العامّة بذكر دلائل التوحيد وما شرّف به آدم عليه السّلام عقّبها بذكر الإنعامات الخاصّة على إسلاف اليهود الذين في عهد محمّد صلَّى اللَّه عليه وآله وسلَّم والخطاب مع جماعة اليهود الذين كانوا بالمدينة من ولد يعقوب وحولها من بنى قريضة والنضير وهم كانوا من أولاد يعقوب و