المتعلَّقة بالشهادة وتعلَّق القضاء الحتمىّ الموجب للمصلحة لا مناص لهم من تحمّله كي تجرى تقادير اللَّه .
الثاني : انّ تلك القواعد مثل حرمة إلقاء النفس إلى التهلكة أو الضرر وما أشبه ذلك من القواعد القابلة للتخصيص وهي من قبيل المقتضى فلو زاحمها المصلحة القويّة الراجحة على ذلك يقتضى التكليف ملاحظة الرجحان كما هو القاعدة في جريان قاعدة التزاحم في سائر المقامات .
الثالث : انّ رضاهم وتكليفهم تابع لرضى اللَّه ، ولا يشاؤن الَّا ان يشاء اللَّه ، فعلمهم ليس مانعا من جريان قضاء اللَّه ، وارادته ، واجله ، وكتابه ، عباد مكرمون لا يسبقونه بالقول وهم بأمره يعملون ، الا ترى انّهم كانوا يحفظون أنفسهم عن الضرر والهلكة في عامّة المقامات وربما دعوا اللَّه سبحانه في دفعه ويدفعه عنهم لما علموا انّ ذلك ليس محتوما عليهم ، وربما يسعون في سلوك مسالك الضرر لعلمهم بانّ اللَّه قد كان قدّر ذلك عليهم ، وقضاه ، ولا بدّ ان يجرى ، وعلموا انّ ذلك التقدير مبنيّ على الحكم والمصالح .
الرابع : انّ ذلك ليس ضررا ، بل بمنزلة المعاوضة الرابحة ، قال اللَّه : انّ اللَّه اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأنّ لهم الجنّة ، وانّما هي تبديل الفاني بالحياة الباقية الا ترى انّ أداء الخمس والزكاة وأشباههما ليس ضررا ، بل تبديل بنفع عظيم ، والى هذا المعنى أشار علىّ عليه السّلام بقوله : فزت وربّ الكعبة ، وقال عليه السّلام : ليس هذا موضع الصبر انّما هو موضع البشرى انتهى . رجعنا إلى التفسير .
[ سورة البقرة ( 2 ) : آية 39 ] والَّذِينَ كَفَرُوا وكَذَّبُوا بِآياتِنا أُولئِكَ أَصْحابُ النَّارِ هُمْ فِيها خالِدُونَ ( 39 ) « والَّذِينَ كَفَرُوا » ذكر سبحانه قسيم فمن تبع هداي اى : ومن لم يتبع وإيراد الموصول بصيغة الجمع للاشعار بكثرة الكفرة اى : والذين كفروا برسلنا المرسلة إليهم « وكَذَّبُوا بِآياتِنا » المنزلة عليهم ، وكفروا جنانا ، وكذّبوا لسانا ، « أُولئِكَ » إشارة إلى الموصول « أَصْحابُ النَّارِ » ملازموها ، وملابسوها ، فسمّوا بالأصحاب لاتصالهم بها وبقائهم فيها « هُمْ فِيها » اى في النار « خالِدُونَ » دائمون ، والجملة في حيّز النصب على الحاليّة وفي هاتين الآيتين دلالة على انّ الجنّة في جهة عالية ،