منحتك من الجنّة مندوحة عمّا حرّمت عليك ، قال بلى ولكنّى وعزّتك ما كنت أرى انّ أحدا يحلف بك كاذبا ، فقال وعزّتى لأهبطنّك منها ثمّ لا تنال العيش الَّا كدّا ، وردّ بعض تعمّد آدم في الأكل ، وقال كان على وجه النسيان كما في الآية فنسي ولم نجد له عزما ، وقالوا وما روى عن ابن عباس في الحديث المذكور فهو مروىّ بالآحاد فكيف يعارض القرآن ، وكيف نسلَّم انّ آدم وحوّاء قبلا من إبليس ذلك الكلام ، لأن اللعين القى إليهما سوء الظَّن باللَّه ، ودعاهما إلى ترك التسليم لأمره ، ومثول الأمر بان يعتقدا فيه كون إبليس ناصحا لهما ، وانّ اللَّه قد غشّهما ، ولا شكّ مثل هذا الأشياء أقبح من أكل الشجرة ، ثمّ انّ آدم كان عالما ببغضه ايّاه لمسئلة السجود والحسد له ، فكيف يقبل من مثل هذا العدوّ فان قيل إذا كان الأمر كذلك كيف مثل هذا العتاب قالوا انّما حصل على ترك التحفّظ من أسباب النسيان ، ولعلّ هذا الضرب من السهو موضوع عن الامّة ، وقد كان يجوز انّه يؤاخذوا به ولا يكون بموضوع عن الأنبياء لعظم خطرهم ، ومثّلوه بقوله : « يا نِساءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّساءِ الآية » واشدّ الناس بلاء الأنبياء ثمّ ، الأولياء ، ثمّ الأمثل ، فالأمثل ، قالوا ولقد كان على النّبي صلَّى اللَّه عليه وآله وسلَّم من التشديدات في التكليف ما لم يكن على غيره ( انتهى كلامهم ) والحاصل انّ الجواب في الكلمات من أهل الطبقات ، انّ النهى في الآية محمولة إلى التنزيه ، والأمور المترتّبة بعد الأكل من مقتضيات الحكمة والَّا لا يسع هذا المختصر بيان مختلفات الكلام واسئلتهم وأجوبتهم .
« وقُلْنَا اهْبِطُوا » : من قال انّ جنّة آدم في السماء فسرّ الهبوط بالنزول ، من العلو إلى السفل ، ومن قال انّها كانت في الأرض فسّره بالتحوّل من موضع إلى غيره كقوله : اهبطوا مصرا ، والخطاب بالجمع ، خاطب آدم وحوّاء وإبليس ، لأنّ إبليس ولو كان قبل ذلك مخرجا من الجنّة ، لكن ما كان إبليس ممنوعا من الدنوّ إلى آدم امتحانا ، فالخطاب شملهم جميعا أو لأنّهم قد اجتمعوا في الهبوط ، وان كانت أوقاتهم متفرّقة ، وقيل انّه أراد آدم ، وحوّاء ، وذريّتهما ، لأنّهما لمّا كانا أصل الذريّة ، جعلا كانّهم الانس كلَّهم ، والحكم عمّهم وان لم تكن الذريّة موجودين ، وقيل اقلّ الجمع اثنان ، فخوطبا