المواهب من اللَّه الواردة عليه ميراثا أولئك هم الوارثون الذين يرثون الفردوس وذلك بسبب العمل الصالح المزكّى للنفس المصفّى للقلب ، وعبّر بالحال لحول العبد به من الرسوم العادية الشهوية إلى الصفات الحقية ، وأول قدم الحال الدخول في باب الأبواب وهو التوبة ، لأنها أول ما يدخل به العبد حضرت القرب من جبان الرب * ( ( رَبِّ الْعالَمِينَ ) ) * ربّه يربه فهو ربّ ، ويجوز أن يكون وصفا بالمصدر للمبالغة ، كما وصف بالعدل والرب السيد المالك ، ومنه قول صفوان لأبي سفيان لأن يربّني رجل من قريش أحبّ إليّ من أن يربّني رجل من هوازن ، ومنه قوله صلَّى اللَّه عليه وآله وسلَّم اللهم لا تجعل لفاجر عليّ يدا : بيان برهان على استحاقه تعالى الحمد بقوله مربى العالمين بإيجادهم وتربية أسباب وجودهم فيربى الظاهر بالنعمة والباطن بالفيض والرحمة وأحكام الشريعة التي بها قوام بقائهم في السعادة الأبدية ويربى سبحانه أجزاء العوالم كلا بحسبها فسبحان من ربي الإنسان بأحسن التربية فاسمع بعظم وبصر بشحم .
أعلم أنّه اختلف في أفضلية نعمة البصر والسمع فقال قائل بأفضلية السمع لوجوه منها أنّ اللَّه قدم في الذكر في أغلب القرآن السمع على البصر والتقديم في الذكر دليل على الشرف .
ومنها أنّ العمى وقع في حقّ الأنبياء وأمّا الصمم فغير جائز لأنّه مخلّ بأداء الرسالة .
ومنها ان السمع تدرك من جميع الجوانب دون البصر .
ومنها انّ الإنسان يستفيد من المعارف من المعلم وذلك لا يمكن إلَّا بالسمع .
ومنها انّ امتياز الإنسان عن سائر الحيوانات بالنطق والكلام ، وانما ينتفع به السامعة لا الباصرة ومتعلَّق السمع النطق الذي به شرف الإنسان ومتعلق البصر الألوان والأشكال وذلك أمر مشترك بين الإنسان وسائر الحيوان .
ومنهم من قال بأن البصر أفضل من السمع قالوا المشهور انّه ليس الخبر كالمعاينة وذلك تدل على أنّ أكمل وجوه الإدراك البصر .
الثّاني انّ عجائب حكمة اللَّه في العين أكثر من عجائب حكمته في تخليق الأذن فركّب العين من سبع طبقات وثلاث رطوبات وجعل لها عضلات كثيرة على صور مختلفة