والاسم ما دلّ على الذات الموصوفة بصفة معيّنة سواء كان لفظا أو حقيقة من الحقائق الموجودة في الأعيان فانّ الدلالة كما تكون بالألفاظ ، كذلك تكون بالذوات ، من غير فرق بينهما بل كلّ موجود من الأعيان بمنزلة كلام ، ودليل صادر عنه تعالى ، دالّ على معرفته بالربوبيّة ، ولسان ناطق بوحدانيّته ، كما انّ احتياجك شاهد ، دالّ ، ناطق بعبوديتك ، ولما كانت النفوس جاهلة وقاصرة عن درك هذا المعنى ، خلق في عالم الأنوار ابتداء نفوسا وذوات مقدسة عن الجهل ، كانوا يسبّحون اللَّه ويقدّسونه ، فجعلهم سبلا للخلق لمعرفته ، ثم ادرجهم في عالم الهيكل النوراني العلوي ، كي يعرفون الخلق خالقهم بسببهم ، لأنّ اللَّه لا يعرّف من نحو ذاته لاحد ، والَّا لكان مدركا ، ومحاطا ، وهو علامة الحدوث و انّما تعرّف إلى عباده ، بما وصف به نفسه ، ولذا قال أمير المؤمنين عليه السّلام معرفتي بالنورانيّة ، معرفة اللَّه ، ومعرفة اللَّه معرفتي بالنورانيّة ، فحصر عليه السّلام معرفة اللَّه ، في معرفته ، وكما انّ لفظ كلمة لا اله الَّا اللَّه ، يدلّ على التّوحيد باللفظ ، كذلك ذلك الهيكل النوراني ، دالّ على توحيده تعالى بالعين ، وهذا التقرير معنى حديث حذيفة قال رسول اللَّه صلَّى اللَّه عليه وآله وسلَّم يا حذيفة انّ حجّة اللَّه عليكم بعدي على ابن أبي طالب ، الكفر به كفر باللَّه ، والشرك به شرك باللَّه والشك فيه شك في اللَّه ، والإلحاد عنه الحاد في اللَّه ، الحديث على ما في الأمالي لشيخ الصدوق قال : في شرح قوله صلَّى اللَّه عليه وآله وسلَّم الكفر به كفر باللَّه إلخ ما هذا لفظه كانّي بالمتكلَّفين يرتكبون المجاز في توجيهه لأنّهم يثبتون كفرين ، أحدهما غير الاخر ، وليس كذلك بل الكفر واحد ، والحاصل ، افهم معنى قوله عليه السّلام ، معرفتي بالنّورانية معرفة اللَّه ، ليس المراد انّك تعرفه انّه عليه السّلام ختن رسول اللَّه ، أو انّه قلع باب خيبر ، أو انّه كان يصلَّى بالليل ألف ركعة بل انّه من اللَّه خليفة على الخلق ، فإذا خالفت ذرّة من امره ، فقد خالفت اللَّه ، تأمّل كيف نصحك بكلمة جامعة لجميع الخير مانعة من جميع الشر ، وهي الزهد في الدنيا لأنّ العبادة والعبوديّة ، لا تحصل الَّا بالفراغة ، فلو يتصوّر انسان ، انّه يتمكّن من الجمع بينهما ، هيهات ، فقد ضرب في حديد بارد ، ويكون مثاله مثال العابد الذي تعبّد تحت شجرة ، خضرة ، عظيمة ، كثيرة الأغصان ، كلَّما توجّه في محرابه للصّلاة ، وقد اجتمعت عصافير كثيرة ، وبلابل وصوّتت ، وشوّشت صلاته ، وهو يطردها بعصاه ، فيطردها