هو المروىّ عن أبي عبد اللَّه والظاهر في تفسيرنا ، ثم اختلف من قال انّه من الملائكة ، فمنهم من قال انّه كان سلطان سماء الدنيا ، وسلطان الأرض ، ومنهم من قال انّه كان خازنا على الجنان ، ومنهم من قال انّه يتردّد ما بين السماء والأرض ، وقال الشيخ المفيد أبو عبد اللَّه محمد بن محمد بن نعمان انّه كان من الجنّ ، ولم يكن من الملائكة ، قال وقد جاءت الاخبار متواترة ، عن ائمّة الهدى ، وهو مذهب الاماميّة ، وهو المروىّ عن الحسن البصري وعلىّ بن عيسى الرماني والبلخي وجماعة واحتجّوا على صحّة هذا القول بوجوه .
الأوّل قوله الَّا إبليس كان من الجنّ ، ومن اطلق لفظ الجنّ ، لم يجز له ان يعنى به الَّا الجنّ المعروف ، وكلّ ما في القرآن من ذكر الجنّ مع الانس يدلّ عليه ، والثاني قوله لا يعصون اللَّه ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون فنفى المعصية عنهم نفيا عامّا ، والثالث انّ إبليس له نسل وذريّة ، قال اللَّه أفتتّخذونه وذريّته أولياء من دوني وهم لكم عدوّ والملائكة روحانيّون ، خلقوا من الريح على قول ، ومن النور على قول بعض ، لا يتناسلون ولا يطعمون ، ولا يشربون ، وقالوا انّ استثناء اللَّه منهم لأنّه كان مأمورا بالسجود معهم ، فلمّا دخل معهم في الأمر ، جاز إخراجه بالاستثناء ، وقيل انّ الاستثناء هنا منقطع ، وعن جميل ابن درّاج عن أبي عبد اللَّه ، قال سألته عن إبليس أكان من الملائكة أو كان يلي شيئا من امر السماء ، فقال لم يكن من الملائكة ، ولم يكن يلي شيئا من امر السماء ، وكان من الجنّ ، وكانت الملائكة ترى انّه منها ، وكان اللَّه يعلم به ويأمره ، فلما امر بالسجود لآدم كان منه الذي كان ، كذا رواه العياشي في تفسيره وامّا من قال انّه من الملائكة فانّه احتجّ بانّه لو كان من غير الملائكة ، لما كان ملوما بترك السجود ، فانّ الأمر انّما يتناول الملائكة ، دون غيرهم ، فالجواب انّه يمكن ان يكون مأمورا بالسجود وما كان من الملائكة ، ويزيد هذا القول بيانا قوله « ما مَنَعَكَ أَلَّا تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ » ولا ملازمة بين كونه ملكا ومأمورا بالسجود فما كان ملكا ، لكنّه كان مورا بالسجود ، وكان مخاطبا ولم يكن في جملتهم ، والدليل على كونه مخاطبا قوله « ما مَنَعَكَ أَلَّا تَسْجُدَ » ولمّا أجاب بقوله خلقتني من نار وخلقته من طين ، بل كان يجيب انّك ما أمرتني بالسجود ، والخطاب في الآية للملائكة وخصّو