سمّى نورا ، وكلَّما كان أقرب إلى الاختراع ، كان أولى باسم النور ، كما انّ عالم الأرواح ، أقرب إلى الاختراع من عالم الأجسام ، فلمّا كان نور النبي صلَّى اللَّه عليه وآله وسلَّم أقرب نظر في فائدة خلقه ، كان أولى باسم النور ، ولهذا كان يقول ، انا من اللَّه والمؤمنون منّى ، قال صلَّى اللَّه عليه وآله وسلَّم كنت نورا بين يدي ربي قبل خلق آدم بأربعة عشر ألف عام وكان يسبّح ذلك النور ويسبح الملائكة بتسبيحه فلما خلق اللَّه آدم القى ذلك النور في صلبه ولو لاه لما خلق اللَّه آدم ولا العرش ، فليس كلّ مخلوق يطَّلع على غيب الخالق .
وروى عن أبي عبد اللَّه عليه السّلام انّه قال انّ الملائكة سئلت اللَّه ولم يكن جميعهم ، بل بعضهم ، ان يجعل الخليفة منهم وقالوا نحن نقدّسك ، ونطيعك ، ولا نعصيك كغيرنا ، قال فلما أجيبوا بقوله انى اعلم ما لا تعلمون ، علموا انّهم تجاوزوا عن حدّهم ، فلاذوا بالعرش استغفارا ، يقولون لبيك ، ذا المعارج لبّيك ، وسئلوه التوبة ، فأمرهم ان يطوفوا بالضراح ، وهو البيت المعمور ، فمكثوا به سبع سنين ، يستغفرون اللَّه بما قالوا ، ثمّ تاب عليهم من بعد ذلك ، ورضى عنهم ، فكان هذا أصل الطواف ، ثم جعل اللَّه البيت الحرام ، حذاء البيت المعمور ، توبة لمن أذنب من بني آدم وطهورا وفي العلل عن الصادق عليه السّلام فحجبهم عن نوره سبعة آلاف عام ، فرحمهم وتاب عليهم .
[ سورة البقرة ( 2 ) : آية 31 ] وعَلَّمَ آدَمَ الأَسْماءَ كُلَّها ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلائِكَةِ فَقالَ أَنْبِئُونِي بِأَسْماءِ هؤُلاءِ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ ( 31 ) اى علم اللَّه آدم معاني الأسماء ، والمراد معانيها ، إذ الأسماء بلا معان لا فائدة فيها ، وفي المجمع والعياشي عن الصادق عليه السّلام انّه عليه السّلام سئل ماذا علَّمه قال علَّمه الأرضين ، والجبال ، والشعاب ، والأودية ، ثمّ نظر إلى بساط تحته ، فقال وهذا البساط ممّا علَّمه ، وفي تفسير الامام ، عن السجاد عليه السّلام علَّمه أسماء كلشيء ، وأسماء أنبياء اللَّه وأوليائه ، وعتاة أعدائه ، فيكون المعنى ، وعلَّم آدم أصحاب الأسماء ، يعنى المسمّيات ، فان قيل انّه كان في المسمّيات ، وأصحاب الأسماء ما لا يكون عاقلا ، فلم قال عرضهم ولم يقل عرضها ، لأنّه لمّا كان في جملتها الأنبياء والأئمة ، والملائكة ، والجن ، والانس ، وهم العقلاء ، فغلب الأكمل لأنّه جرت عادة أهل اللسان ، والعرب بتغليب الكامل على الناقص .