دهرا طويلا ، في الأرض ، مقدار سبعة آلاف سنة ، ثمّ ظهر فيهم ، الحسد والبغي ، فأفسدوا وقتلوا ، فبعث اللَّه إليهم ، ملائكة سماء الدنيا ، وامرّ عليهم ، إبليس ، فهزموا الجنّ ، وأخرجوهم من الأرض ، إلى جزائر البحور ، وشعوب الجبال ، وسكنوا الأرض ، وأعطى اللَّه إبليس ، ملك الأرض ، وملك السماء الدنيا ، وخزانة الجنّة ، وكان له جناحان ، من زمرد اخضر ، وكان يعبد اللَّه ، تارة في الأرض ، وتارة في السماء ، وتارة في الجنّة ، فدخله العجب ، فقال في نفسه ، ما أعطاني اللَّه هذا الملك ، الَّا لأنّى أكرم الملائكة عليه .
وانما عبرّ سبحانه خليفة أراد بالخليفة آدم ، لأنّه خليفته في ارضه ، يحكم بالحق وكان سبحانه قد اعلم ملائكته انّه يكون من ذريته من يفسد فيها ، عن ابن عباس وقيل انّما سمّى اللَّه آدم خليفة لأنّه جعل آدم وذريّته خلفاء للملائكة ، لأنّ الملائكة كانوا من سكّان الأرض وقيل خليفة عن الجنّ الذين أفسدوا وقتلوا واخرجوا ، فجعل آدم بدلهم ، وقيل عنى بالخليفة ولد آدم ، يتخلَّف بعضهم ، بعضا ، وهم خلَّفوا آدم ، في إقامة الحق ، وعمارة الأرض ، « قالُوا أَتَجْعَلُ فِيها » استيناف لبيان ما قالته الملائكة ، قالوا ا تجعل في الأرض « مَنْ يُفْسِدُ فِيها » كما أفسدت الجن ، وفائدة التكرار في الظرف تأكيد الاستبعاد ، « ويَسْفِكُ الدِّماءَ » ظلما كما فعل بنوا الجانّ أو لأنّ اللَّه أخبرهم بانّه سيكون من ذرّية هذه الخليفة من يعصى ويسفك الدماء ، وانّما قالت الملائكة هذا الكلام ، على سبيل الاستعلام ، على وجه المصلحة والحكمة ، لا على وجه الإنكار « ونَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ ونُقَدِّسُ لَكَ » : اى والحال انا ننزّهك ، عن كل ما لا يليق بشأنك ، مشتغلين بحمدك ، والتسبيح نفى ما لا يليق ، والتقديس اثبات ما يليق به ، والسبّوح هو المستحقّ للتنزيه ، والقدوس المستحق للتطهير ، والقدس السطل الذي يتطهر به قال اللَّه في جوابهم : « إِنِّي أَعْلَمُ ما لا تَعْلَمُونَ » من الحكمة ، والمصلحة باستخلاف آدم ، وانّ من ذريّته ، الطائع ، والعاصي ، فيظهر الفضل والعدل واوّل شيء أظهره اللَّه بنور قدرته من ظلمة العدم ، كان نور محمّد صلَّى اللَّه عليه وآله وسلَّم ، كما قال صلَّى اللَّه عليه وآله وسلَّم اوّل ما خلق اللَّه نوري ثم خلق العالم بما فيه من نوره ، بعضه من بعض ، فلمّا ظهرت الأنوار من وجود نوره ،