روى انّ اللَّه خلق الأرض في موضع بيت المقدس كهيئة الفهر : اى الحجر ملئ الكف عليها دخان يلتزق بها ، ثم اصعد الدخان ، وخلق منه السماوات وامسك الفهر في موضعه ثم بسط منه الأرض وقال اوّل ما خلق اللَّه ، جوهرة طولها وعرضها مسيرة ألف سنة في مسيرة عشرة آلاف سنة ، فنظر إليها بالهيبة فذابت واضطربت ، ثم ثار منها دخان ، فارتفع واجتمع زبد فقام فوق الماء ، فجعل الزبد أرضا والدخان سماء فالسماء من دخان خلقت ، وبريح ارتفعت وبإشارة تفرقت ، وبلا عماد قامت ، وبنفخة تكسرت « فَسَوَّاهُنَّ » اى : اتمهن ، وقوّمهنّ مصونات عن العوج والفطور ، والضمير فيه مبهم فسر بقوله : « سَبْعَ سَماواتٍ » منصوب على التميز ، نحو ربّه رجلا ، قال سلمان الفارسي : هي سبع ، اسم الأولى رفيع وهي من زمردة واسم الثانية ، ارقلون ، وهي من فضة بيضاء والثالثة قيدوم وهي من ياقوتة حمراء والرابعة ما عون وهي من درة بيضاء والخامسة دبقاء وهي من ذهب احمر والسادسة وقناء وهي من ياقوتة صفراء والسابعة عروباء وهي من نور يتلألأ .
« وهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ » : فيه تعليل كانّه قال لكونه عالما بكنه الأشياء كلَّها ، خلق ما خلق على هذا النمط الأكمل والوجه الأنفع وفي الآية دلالة على انّ الأصل في الأشياء ، الإباحة لأنّه سبحانه ذكر انّه خلق ما في الأرض لمنفعة العباد .
قوله تعالى : [ سورة البقرة ( 2 ) : آية 30 ] وإِذْ قالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي جاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً قالُوا أَتَجْعَلُ فِيها مَنْ يُفْسِدُ فِيها ويَسْفِكُ الدِّماءَ ونَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ ونُقَدِّسُ لَكَ قالَ إِنِّي أَعْلَمُ ما لا تَعْلَمُونَ ( 30 ) وإذ : مفعول اذكر مقدرة : اى اذكر لهم واخبر وقت « قالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ » قيل الخطاب لجميع الملائكة ، وقال ابن عباس : الخطاب لسكنة الأرض بعد الجان من الملائكة لا جميع الملائكة : والملائكة جمع ملك ، والتاء لتأكيد الجماعة ، وسموا بها ، فانّهم وسائط ورسل بين اللَّه والخلق ، واختلف في اشتقاقه : قيل من الالوكة وهي الرسالة ، قال الخليل الألوك الرسالة ، وهي المألكة على مفعله ، مأخوذ من ألك الفرس