النقض ، في ابطال العهد ، من حيث تسمية العهد ، بالحبل ، على سبيل الاستعارة ، لما فيه من علاقة الوصلة ، بين المتعاهدين ، قيل : عهد اللَّه ثلاثة ، الأول ، ما اخذه ، على ذريّة آدم ، بان تقرّوا بربوبيّته .
والثاني ، ما اخذه على الأنبياء ، بان أقيموا الدين ، ولا تفرقوا فيه ، والثالث ، على العلماء ، بان يبينوا الحق ولا يكتموه ، در روز الست بلى گفتى امروز ببستر لا خفتي .
« مِنْ بَعْدِ مِيثاقِه » : اى بعد الوثيقة وتوكيده بالقبول ، والضمير ، راجع إلى العهد أوالي اللَّه ، اى : بعد توثيق اللَّه ، ذلك العهد ، بإرسال الرسل ، وإنزال الكتب ، وقيل :
المراد في الآية ، كفار أهل الكتاب ، وعهد اللَّه الذي نقضوه ، هو ما أخذ عليهم في التورية من اتباع محمّد صلَّى اللَّه عليه وآله وسلَّم ، والتصديق بما جاء به ، ونقضهم لذلك ، تركهم وجحودهم به بعد معرفته وكتمانهم ذلك ، عن الناس ، ومغالطتهم ، على الناس ، بعد ان بينه اللَّه ، في كتابهم وأمرهم ان لا يكتمونه ، فكتموا ونقضوا العهد .
« ويَقْطَعُونَ ما أَمَرَ اللَّه بِه أَنْ يُوصَلَ » اى : يقطعون ، ما امر اللَّه ، بوصله ، وهو يشمل كلّ قطيعة ، لا يرضى اللَّه ، قطعه ، كقطع الرحم ، وموالاة المؤمنين ، وإيقاع الفتنة والفساد ، بين المسلمين ، والتفرقة بين الأنبياء والكتب ، في تصديق البعض وانكار البعض قال : صاحب كشف الغطاء ، العجب ، ثم العجب ، من قوم يعترفون بنبوّة موسى عليه السّلام وعيسى عليه السّلام وغيرهما وينكرون نبوة محمّد صلَّى اللَّه عليه وآله وسلَّم فانّهم ، ان ادعوا ، عدم حجيّة المعجزات ، لزمهم انكار جميع النبوّات ، فينتفى الوسائط ، في اثبات الشرائع ، بيننا وبين رب السماوات ، وان ادعوا ، نفى المعجزات : من نبينا ، فما بالهم ، لا ينفون المعجزات ، بالنسبة إلى أنبيائهم ، مع تقدم عهدهم ، وزيادة بعدهم ، وزمانهم ، فانّ انكار الاخبار ، بالنسبة إلى ما تقادم عهده ، وطالت سلسلته ، أقرب من إنكاره ، بالنسبة إلى القريب .
وكلّ رفض خير ، فهو قطيعة ، بل تعاطى الشر ، أيضا ، فإنه يقطع الوصلة ، فيما بين اللَّه ، والعبد .