جائز ، تعالى اللَّه عن ذلك علوّا كبيرا ! انتهى بيان الإضلال .
وامّا الهداية في القرآن ، يطلق على وجوه :
فتارة ، بمعنى الدلالة ، والإرشاد ، يقال هداه الطريق ، والى الطريق ، إذا دلَّه عليه وهذا الوجه ، عام لجميع المكلَّفين ، فانّه سبحانه ، اهدى كلّ مكلَّف وأرشده ، إلى الحق ، على لسان رسله وكتبه ، كما قال : ولقد جاءهم من ربّهم الهدى وقوله « إِنَّا هَدَيْناه السَّبِيلَ » وقوله « وأَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْناهُمْ فَاسْتَحَبُّوا الْعَمى عَلَى الْهُدى » وتارة المراد بالهداية : زيادة الألطاف ، التي بها ، نثبت على الهدى ، ومنه قوله .
« والَّذِينَ اهْتَدَوْا زادَهُمْ هُدىً » ، اى شرح صدورهم وثبّتها .
وتارة يكون الهداية : بمعنى الإثابة ، مثل قوله : « والَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّه فَلَنْ يُضِلَّ أَعْمالَهُمْ سَيَهْدِيهِمْ ويُصْلِحُ بالَهُمْ » ومعلوم ، ان الهداية ، التي تكون بعد القتل ، هي الإثابة لا محالة ، لأنه ليس بعد الموت تكليف ، ورابعها الحكم بالهداية ، كقوله « ومَنْ يَهْدِ اللَّه فَهُوَ الْمُهْتَدِ » وهذه الوجوه الثلاثة خاصّة بالمؤمنين ، لإيمانهم .
وخامسها أن تكون الهداية ، بمعنى جعل الإنسان ، اى بخلق الهداية فيه ، كما يجعل الشيء ، متحركا ، بخلق الحركة ، واللَّه يجعل ، العلوم الضرورية ، في القلوب فذلك هداية منه ، وهذا المعنى الخامس ، عام لجميع العقلاء كالوجه الأول .
وامّا الهداية التي ، كلَّف اللَّه ، العباد فعلها ، كالايمان به ، وأنبيائه ، وغير ذلك ، فانّها من فعل العباد ، وان كان قد أنعم عليهم ، بدلالتهم ، على ذلك ، لكنّهم يستحقون على فعلهم ، المدح والثواب ، كما انّ الكافر ، بفعله ، يستحق الهوان والعذاب ، والهداية ، تسكن في قلب ، فارغ من الدنيا ، نسئل اللَّه ان لا يحرمنا ، من الطافه بسوء أفعالنا .
[ سورة البقرة ( 2 ) : آية 27 ] الَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللَّه مِنْ بَعْدِ مِيثاقِه ويَقْطَعُونَ ما أَمَرَ اللَّه بِه أَنْ يُوصَلَ ويُفْسِدُونَ فِي الأَرْضِ أُولئِكَ هُمُ الْخاسِرُونَ ( 27 ) ثم وصف اللَّه ، أحوال المنافقين ، الموصوفين ، في الآية السابقة فقال : « الَّذِينَ يَنْقُضُونَ » : النقض ، فك التركيب ، والنسخ ، واستعمال