اى ضلوا عندها ، وهذا كما يقال للرجل ، إذا ادخل الفضة ، النار ، ليظهر فسادها ، من صلاحها ، فظهر فسادها ، أفسدت فضّتك وهو لم يفعل فيها .
وانّما يراد انّ فسادهم ، ظهر عند امتحانه ، وقريب من ذلك ، قولهم ، فلان أضل ناقته ، ولا يريدون انّه اضلها ، وانّما يريدون ، من هذا الكلام ، انها ضلَّت عنه ، لا من غيره ، ويمكن ان يكون ، الاضلال ، بمعنى التخلية ، على وجه العقوبة ، ومنع الألطاف ، التي تنعل بالمؤمنين ، جزاء على ايمانهم ، وهذا كما يقال ، لمن لا يصلح سيفه أفسدت سيفك ، أريد به ، انّك لم تحدث ، فيه الإصلاح ، في كل وقت ، بالصيقل ، وقد يكون الإضلال ، بمعنى الإهلاك والعذاب والتدمير ومنه قوله تعالى : إِنَّ الْمُجْرِمِينَ ، فِي ضَلالٍ وسُعُرٍ وقوله تعالى : إِذا ضَلَلْنا فِي الأَرْضِ ، اى : هلكنا ، فعلى هذا ، يكون المعنى ، ان اللَّه ، يهلك ويعذب بالكفر به ، كثيرا ، بان يضلَّهم ، عن الثواب وطريق الجنة فبسببه ، يهلكوا ويهدى إلى الثواب ، وطريق الجنة ، بالإيمان به كثيرا ، وهذا القول ، عن أبي على الجبائي ، ويدل على ذلك ، قوله : وما يضل به الَّا الفاسقين . انتهى بيان وجوه المعنى ، في الإضلال من كلام علمائنا .
لكن علماء العامة ، المعتزلة منهم ، قالوا : واسناد الإضلال ، اليه تعالى ، اى : خلق الضلال مبنى علي انّ جميع الأشياء ، مخلوقة له تعالى ، وان كانت ، افعال العباد ، من حيث الكسب ، مستندة إليهم .
وامّا الأشاعرة ، فتفسيرهم وعبائرهم ، في مثل ، موضوع الضلال والهداية ، غير قابل ، للذكر ، بسبب غلوّهم في الجبر .
قال الطبرسي : وكلّ ما في القرآن ، من الإضلال ، المنسوب اليه تعالى ، فهو بمعنى المذكور ، من الوجوه ولا يجوز ان ينسب ، إلى اللَّه تعالى ، إضلال ، اوّلا لإضلال قبله ، ولا يكون الإضلال ، من فعله ، بل إضلاله ، سبحانه ، تبعا ، لضلال المكلَّف ، واما الإضلال التي يضاف ، إلى الشيطان ، مثل قوله : ولَقَدْ أَضَلَّ مِنْكُمْ جِبِلًّا كَثِيراً وقوله : وأَضَلَّ فِرْعَوْنُ قَوْمَه وكذلك إضافة الإضلال ، إلى السامري ، وهو ان يكون ، بمعنى التلبيس والتغليط والتشكيك والإيقاع في الفساد ، ممّا يؤدّى إلى التظليم ، فذلك في حق اللَّه ، غير