نام کتاب : تفسير مجمع البيان نویسنده : الشيخ الطبرسي جلد : 1 صفحه : 329
ما بمعنى النفي ، والمراد وما كفر سليمان ، ولا أنزل الله السحر على الملكين ، ولكن الشياطين كفروا ، يعلمون الناس السحر ببابل هاروت وماروت ، ويكون قوله ( ببابل هاروت وماروت ) من المؤخر الذي معناه التقديم ، ويكون في هذا التأويل هاروت وماروت رجلين من جملة الناس ، ويكون الملكان اللذان نفي عنهما السحر جبرئيل وميكائيل عليهما السلام ، لأن سحرة اليهود فيما ذكر كانت تدعي أن الله ، عز وجل ، أنزل السحر على لسان جبرائيل وميكائيل على سليمان ، فأكذبهم الله في ذلك . ويجوز أن يكون هاروت وماروت يرجعان إلى الشياطين ، كأنه قال ولكن الشياطين هاروت وماروت كفروا ، ويسوغ ذلك كما ساغ في قوله ( وكنا لحكمهم شاهدين ) يعني لحكم داود وسليمان ويكون على هذا قوله ( وما يعلمان من أحد حتى يقولا إنما نحن فتنة ) راجعا إلى هاروت وماروت . ومعنى قولهما ( إنما نحن فتنة ) ( فلا تكفر ) يكون على طريق الاستهزاء والتماجن [1] ، لا على سبيل النصيحة والتحذير . ويجوز على هذا التأويل أيضا الذي يتضمن النفي والجحد ، أن يكون هاروت وماروت اسمين للملكين ، ونفي عنهما إنزال السحر ، ويكون قوله ( وما يعلمان ) راجعا إلى قبيلتين من الجن والإنس ، أو إلى شياطين الجن والإنس ، فيحسن التثنية لهذا وروي هذا التأويل في حمل ( ما ) على النفي ، عن ابن عباس ، وغيره من المفسرين . وحكي عنه أيضا أنه كان يقرأ على الملكين بكسر اللام ، ويقول متى كان العلجان [2] ملكين إنما كانا ملكين ؟ وعلى هذه القراءة لا ينكر أن يرجع قوله ( وما يعلمان من أحد ) إليهما . ويمكن على هذه القراءة في الآية وجه آخر ، وإن لم يحمل قوله ( وما أنزل على الملكين ) على الجحد والنفي ، وهو : أن يكون هؤلاء الذين أخبر عنهم اتبعوا ما تتلوه الشياطين وتدعيه على ملك سليمان ، واتبعوا ما أنزل على الملكين من السحر ، ولا يكون الإنزال مضافا إلى الله تعالى ، وإن أطلق لأنه ، جل وعز ، لا ينزل السحر بل يكون أنزله إليهما بعض الضلال ، ويكون معنى ( أنزل ) وإن كان من الأرض حمل إليهما لا من السماء أنه أتي به من نجود البلاد وأعاليها . فإن من هبط من النجد إلى الغور ، يقال نزل .
[1] تماجن : تمازح . [2] العلج : الرجل الضخم من كفار العجم ، وبعضهم يطلقه على الكافر مطلقا .
نام کتاب : تفسير مجمع البيان نویسنده : الشيخ الطبرسي جلد : 1 صفحه : 329