نام کتاب : تفسير مجمع البيان نویسنده : الشيخ الطبرسي جلد : 1 صفحه : 330
واختلف في بابل فقيل : هي بابل العراق ، لأنه تبلبلت بها الألسن ، عن ابن مسعود . وقيل : هي بابل دماوند ، عن السدي . وقيل : هي نصيبين إلى رأس العين . وهاروت وماروت قيل : هما رجلان على ما تقدم بيانه . وقيل : هما ملكان من الملائكة أهبطهما الله إلى الأرض على صورة الإنس لئلا ينفر الناس منهما إذا كانا على صورة الملائكة . واختلف في سبب هبوطهما فقيل : إن الله أهبطهما ليأمرا بالدين ، وينهيا عن السحر ، ويفرقا بينه وبين المعجز ، لأن السحر كان كثيرا في ذلك الوقت . ثم اختلف في ذلك فقال قوم : كانا يعلمان الناس كيفية السحر ، وينهيان عن فعله ، ليكون النهي بعد العلم ، فإن من لا يعرف الشئ لا يمكنه اجتنابه . وقال آخرون : لم يكن لهما تعليم السحر لما في ذلك من الإغراء بفعله ، وإنما أهبطا لمجرد النهي ، إذ كان السحر فاشيا . وقيل أيضا في سبب هبوطهما : إن الملائكة تعجبت من معاصي بني آدم مع كثرة نعم الله عليهم فقال طائفة منهم : " يا ربنا أما تغضب مما يعمل خلقك في أرضك ، ومما يفترون عليك من الكذب والزور ، ويرتكبونه من المعاصي ، وقد نهيتهم عنها وهم في قبضتك ، وتحت قدرتك " فأحب الله سبحانه أن يعرفهم ما من به عليهم من عجيب خلقهم ، وما طبعهم عليه من الطاعة ، وعصمهم به من الذنوب ، فقال لهم : " اندبوا منكم ملكين حتى أهبطهما إلى الأرض ، وأجعل فيهما من طبائع المطعم والمشرب ، والشهوة والحرص والأمل ، مثل ما جعلت في ولد آدم ، ثم أختبرهما في الطاعة لي " . قال : فندبوا لذلك هاروت وماروت ، وكانا من أشد الملائكة قولا في العيب لولد آدم ، واستجرار عتب الله عليهم . قال : فأوحى الله إليهما أن اهبطا إلى الأرض ، فقد جعلت فيكما من طبائع المطعم والمشرب ، والشهوة والحرص والأمل ، مثل ما جعلت في ولد آدم ، وانظرا أن لا تشركا بي شيئا ، ولا تقتلا النفس التي حرم الله قتلها ، ولا تزنيا ، ولا تشربا الخمر . ثم أهبطهما إلى الأرض على صورة البشر ولباسهم ، فرفع لهما بناء مشرف ، فأقبلا نحوه ، فإذا امرأة جميلة حسناء ، أقبلت نحوهما فوقعت في قلوبهما موقعا شديدا ، ثم إنهما ذكرا ما نهيا عنه من الزنا فمضيا ، ثم حركتهما الشهوة فرجعا إليها فراوداها عن نفسها ، فقالت : إن لي دينا أدين به ، ولست أقدر في ديني على أن أجيبكما إلى ما تريدان ، إلا أن تدخلا في ديني ! فقالا : وما دينك ؟ فقالت : لي إله من عبده وسجد له كان لي السبيل إلى أن أجيبه إلى كل ما سألني . قالا : وما إلهك ؟
نام کتاب : تفسير مجمع البيان نویسنده : الشيخ الطبرسي جلد : 1 صفحه : 330