نام کتاب : تفسير مجمع البيان نویسنده : الشيخ الطبرسي جلد : 1 صفحه : 292
فدوا أسراها تصديقا لما في التوراة . والأوس والخزرج أهل شرك ، يعبدون الأوثان ، لا يعرفون جنة ولا نارا ، ولا قيامة ولا كتابا ، فأنبأ الله تعالى اليهود بما فعلوه . وقال أبو العالية : كان بنو إسرائيل إذا استضعف قوم قوما أخرجوهم من ديارهم ، وقد أخذ عليهم الميثاق أن لا يسفكوا دماءهم ، ولا يخرجوا أنفسهم من ديارهم ، وأخذ عليهم الميثاق إن أسر بعضهم بعضا ، أن يفادوهم ، فأخرجوهم من ديارهم ، ثم فادوهم ، فآمنوا بالفداء ففدوا وكفروا بالإخراج من الديار ، فاخرجوهم . وقيل : ليس الذين أخرجوهم الذين فودوا ، ولكنهم قوم آخرون على ملتهم ، فأنبهم [1] الله تعالى على ذلك . وقال أبو مسلم الإصبهاني : ليس المراد بقوله : ( أفتؤمنون ) الآية . أنهم يخرجون ، وهو محرم ، ويفدون وهو واجب . وإنما يرجع ذلك إلى بيان صفة محمد صلى الله عليه وآله وسلم وغيره . وقوله : ( فما جزاء من يفعل ذلك منكم إلا خزي في الحياة الدنيا ) اختلف في الخزي الذي خزاهم الله إياه بما سلف منهم من المعصية ، فقيل : هو حكم الله الذي أنزله على نبيه محمد صلى الله عليه وآله وسلم من أخذ القاتل بمن قتل ، والقود به قصاصا ، والانتقام من الظالم للمظلوم . وقيل : بل هو أخذ الجزية منهم ما أقاموا على ذمتهم على وجه الذل والصغار . وقيل : الخزي الذي خزوا في الدنيا : هو اخراج رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بني النضير من ديارهم لأول الحشر ، وقتل بني قريظة وسبي ذراريهم ، وكان ذلك خزيا لهم في الدنيا . ثم أعلم الله سبحانه أن ذلك غير مكفر عنهم ذنوبهم ، وأنهم صائرون بعده إلى عذاب عظيم ، فقال : ( ويوم القيامة يردون إلى أشد العذاب ) أي : إلى أشد العذاب الذي أعده الله لأعدائه ، وهو العذاب الذي لا روح فيه مع اليأس من التخلص . ( وما الله بغافل عما تعملون ) أي : وما الله بساه عن أعمالهم الخبيثة ، بل هو حافظ لها ، ومجاز عليها . ومن قرأه بالتاء رده إلى المواجهين بالخطاب في قوله ( أفتؤمنون ببعض الكتاب وتكفرون ببعض ) . ومما يسأل في هذه الآية : إن ظاهرها يقتضي صحة اجتماع الإيمان والكفر ، وذلك مناف للصحيح من المذهب ؟ والقول فيه : إن المعنى أنهم أظهروا التصديق ببعض الكتاب ، والإنكار للبعض دون بعض ، وهذا يدل على أنهم لا ينفعهم الإيمان