نام کتاب : تفسير مجمع البيان نویسنده : الشيخ الطبرسي جلد : 1 صفحه : 23
وإن في القرآن آيات محكمات هن أم الكتاب ، وأخر متشابهات ، وفيه ناسخ ومنسوخ ، ومجمل ومبين ، وعام وخاص ، وأحكام وفرائض وسنن ، وقصص ومواعظ ، وحكم وأمثال ، وما أشبه ذلك . فما كان راجعا إلى الأخبار والمواعظ ، فاللفظ دال بظاهره على معناه ، وقد كان أصحاب النبي صلى الله عليه وآله وسلم في عصره ، يأخذون منه بما يفهمون ، يوم كانت ملكة اللسان عند العرب لا يرجع فيها إلى كتاب أو نقل ، بل كانت فطرية حتى إذا فسدت اللغة بمخالطة الأعاجم ، وبعد زمن العرب عن أهل اللسان المخاطبين بالقرآن ، تنوسي ذلك ، واحتيج في مثله إلى علم التفسير . وما كان راجعا إلى الفرائض والسنن ، والناسخ والمنسوخ ، وأمثال ذلك ، فلا بد فيه من الوقف حتى زمن نزوله ، ليعلم النص من قبل من شرع الله هذا الدين على لسانه ، وبذلك كانت السنة النبوية شارحة لمعاني الكتاب ، متممة لما فرضه الله ، أو ندب إليه ، وعلم التفسير كافلا بإيضاح ذلك . وقد تداوله الصحابة في عصره صلى الله عليه وآله وسلم حتى دونت العلوم ، وبوبت أبوابها ، وجعل كل علم أصلا برأسه بعد زمن التابعين . وكان دخل في الاسلام جماعة من علماء أهل الكتاب مثل عبد الله بن سلام ، وكعب الأحبار ، ووهب بن منبه ، وأمثالهم ، وكثير من مشركي العرب الذين لقنوا علومهم عن علماء اليهود ، وهؤلاء لم تتغير معارفهم فيما يرجع إلى الأخبار والمواعظ ، التي لم يتوقف القول فيها على نص النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، فكانوا يفصلون مجمل القصص ، وأخبار الملاحم ، وأمثال ذلك ، بعد عصر النبي ، على ما هو مغروس في أذهانهم من علومهم الإسرائيلية ، وكانت العامة يومئذ تنعكف عليهم لاستماع أخبارهم ، والنفس مولعة بتعلم ما تجهله ، فكثرت المرويات الإسرائيلية في كتب التفاسير ، واختلط الغث بالسمين ، ولم يمحصها العلماء بنقدهم ، لما هو معروف بينهم من التسامح في أدلة السنن ، وما جرى مجراها ، ولانصراف همهم إلى نقد أدلة الأحكام التكليفية ، وتمحيصها ، اللهم إلا قليلا من المحققين ، لم يغفلوا هذا الأمر ، ولكنهم لم تكن قوتهم هذه لتصد تياره الجارف ، فلم يؤثروا الأثر المطلوب . فاتسعت بذلك دائرة علم التفسير ، وازدادت في الناس الحاجة إلى الوقوف على المصفى المنقى من الأقوال فيه . اختلاف أذواق المفسرين : قد يتصدى للأمر من لا يحسنه ، فيعجز عن
نام کتاب : تفسير مجمع البيان نویسنده : الشيخ الطبرسي جلد : 1 صفحه : 23