responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير مجمع البيان نویسنده : الشيخ الطبرسي    جلد : 1  صفحه : 22


كانت مصروفة لعقد المجالس اللغوية ، لشرح المعاني البيانية في كلام الخطباء والشعراء ، شرحا يفتح مغلقها ، ويبين مجملها .
وفي كل ذلك لم يتخذ أحد منه قدحا في الكلام المشروح ، ولا طعنا فيه ، ما دام جاريا على سنة التراكيب العربية ، وعلى مقتضى الأسلوب البياني ، بل كان ذلك رافعا من شأن الكلام ، مظهرا مزيته في عالم البلاغة ، وهذا مما امتازت به اللغة العربية ، وكان من أهم خاصياتها . والقرآن الكريم وإن كان أنزل بألفاظ عربية ، يفهم معانيها المخاطبون في عصر صاحب الرسالة ، صلوات الله عليه وآله ، وكل من عرف أوضاع اللغة في غير ذلك العصر ، ولكن نظمه المعجز ، وأسلوبه العالي ، لو كان مغسولا مبذولا ، لم يكن له قيمة عند العرب الذين كانت تقام أسواقهم ، وتعمر منتدياتهم ، بالتفاخر في أفانين الفصاحة والبلاغة ، وتبريز الخطباء ، ونشر شعر الشعراء .
فإذا كان القرآن مبذول الأسلوب بقصد إفهام كل أحد ممن سلف وخلف ، ما يراد منه ، عارفا بأفانين الكلام ، أو غير عارف ، كان غير جار على سننهم ، بل كان دون كلامهم ، فتنصرف عنه القلوب ، ولا تذعن له تلك الطبائع الجافية ، ولا تطأطئ له هذه الرؤوس الشامخة التي أذعنت لبلاغته ، ووقفت حيرى دون إعجازه ، وخلبت ألبابها بفصاحته ، وعند ذلك تفوت الفائدة المطلوبة ، ولا يؤثر الأثر المقصود .
والله سبحانه أنزله على نبيه الكريم وتحدى البلغاء بمعجز بلاغته ، فعجزوا عن الإتيان بسورة من مثله ، بل لو اجتمعت الإنس والجن ، على أن يأتوا بمثل هذا القرآن ، لا يأتون بمثله ، ولو كان بعضهم لبعض ظهيرا .
وإنما كان معتزا في نظمه وأسلوبه ، وللنظم في اللغة العربية ، المنزلة الفريدة في إلباس الكلام حلة البهاء ، والنضرة والرواء ، والبهجة . وللتراكيب أفانين ومناهج يستطرقها أرباب الفصاحة بما يختارون لها من متخير الألفاظ ، وبديع الكنايات ، ولطائف الاستعارات والمجازات ، ولطافة الأسلوب ، كما يجذب إليهم القلوب .
والعقول متفاوتة فيما رزقته من الإدراك . فرب مستدل على معنى بجملة ، يستدل غيره بها على ضده ، فلا بد إذا من الرجوع إلى الراسخين في العلم ، بعد انحطاط اللغة ، لتمحيص ذلك ، وبمثل هذا احتاج الكتاب الكريم إلى التفسير والبيان ، وتفسيره من قبيل بسط الألفاظ الوجيزة ، وكشف معانيها ، وترجيح بعض الاحتمالات على بعض .

نام کتاب : تفسير مجمع البيان نویسنده : الشيخ الطبرسي    جلد : 1  صفحه : 22
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست