نام کتاب : تفسير مجمع البيان نویسنده : الشيخ الطبرسي جلد : 1 صفحه : 135
النزول : روي عن ابن مسعود ، وابن عباس أن الله تعالى لما ضرب المثلين قبل هذه الآية للمنافقين ، يعني قوله " مثلهم كمثل الذي استوقد نارا " وقوله ( أو كصيب من السماء ) قال المنافقون : الله أعلى وأجل من أن يضرب هذه الأمثال . فأنزل الله تعالى هذه الآية . المعنى : " إن الله لا يستحيي " أي لا يدع . وقيل : لا يمتنع لأن أحدنا إذا استحيى من شئ تركه ، وامتنع منه ، ومعناه : إن الله لا يدع ضرب المثل بالأشياء الحقيرة لحقارتها ، إذا رأى الصلاح في ضرب المثل بها . وقيل : معناه هو أن الذي يستحيى منه ما يكون قبيحا في نفسه ، ويكون لفاعله عيب في فعله ، فأخبر الله تعالى أن ضرب المثل ليس بقبيح ، ولا عيب ، حتى يستحيي منه . وقيل : معناه إنه لا يخشى أن يضرب مثلا كما قال ( وتخشى الناس والله أحق أن تخشاه ) أي : تستحيي الناس ، والله أحق أن تستحييه . فالاستحياء بمعنى الخشية هنا ، كما أن الخشية بمعنى الاستحياء هناك . وأصل الاستحياء : الانقباض عن الشئ ، والامتناع منه خوفا من مواقعة القبيح . وقال علي بن عيسى : معناه إنه ليس في ضرب المثل بالحقير للحقير عيب يستحيى منه ، فكأنه قال : لا يحل ضرب المثل بالبعوض محل ما يستحيى منه ، فوضع قوله ( إن الله لا يستحيي ) موضعه وقوله : ( ما بعوضة فما فوقها ) أي : ما هو أعظم منها ، عن قتادة وابن جريج . وقيل : فما فوقها في الصغر والقلة ، لأن الغرض ههنا الصغر . وقال الربيع بن أنس : إن البعوضة تحيى ما جاعت ، فإذا سمنت ماتت ، فكذلك القوم الذين ضرب لهم هذا المثل ، إذا امتلأوا من الدنيا ريا ، أخذهم الله عند ذلك . ثم تلا ( حتى إذا فرحوا بما أوتوا أخذناهم بغتة ) وروي عن الصادق عليه السلام ، أنه قال : إنما ضرب الله المثل بالبعوضة ، لأن البعوضة على صغر حجمها ، خلق الله فيها جميع ما خلق في الفيل مع كبره ، وزيادة عضوين آخرين ، فأراد الله تعالى أن ينبه بذلك المؤمنين على لطيف خلقه ، وعجيب صنعه . وقد استشهد على استحسان ضرب المثل بالشئ الحقير في كلام العرب بقول الفرزدق : ضربت عليك العنكبوت بنسجها ، وقضى عليك به الكتاب المنزل وبقوله أيضا : وهل شئ يكون أذل بيتا * من اليربوع يحتفر الترابا
نام کتاب : تفسير مجمع البيان نویسنده : الشيخ الطبرسي جلد : 1 صفحه : 135