نام کتاب : تفسير مجمع البيان نویسنده : الشيخ الطبرسي جلد : 1 صفحه : 87
استعير له هذا الاسم على الوجه الذي ذكرناه ، فقد آل الأمر تسليم صحة الخبر وقبوله إلى أن الإيمان هو المعرفة بالقلب ، والتصديق به على نحو ما تقتضيه اللغة ، ولا يطلق لفظه إلا على ذلك إلا أنه يستعمل في الإقرار باللسان ، والعمل بالأركان مجازا واتساعا ، وبالله التوفيق . وقد ذكرنا في قوله ( ويقيمون الصلاة ) وجهين اقتضاهما اللغة . وقيل أيضا : إنه مشتق من القيام في الصلاة ، ولذلك قيل : قد قامت الصلاة ، وإنما ذكر القيام ، لأنه أول أركان الصلاة وأمدها ، وإن كان المراد به هو وغيره . والصلاة في الشرع عبارة عن أفعال مخصوصة على وجوه مخصوصة ، وهذا يدل على أن الاسم ينقل من اللغة إلى الشرع . وقيل : إن هذا ليس بنقل ، بل هو تخصيص ، لأنه يطلق على الذكر والدعاء في مواضع مخصوصة . وقوله تعالى : ( ومما رزقناهم ينفقون ) يريد : ومما أعطيناهم وملكناهم يخرجون على وجه الطاعة . وحكي عن ابن عباس أنه الزكاة المفروضة ، وعن ابن مسعود أنه نفقة الرجل على أهله ، لأن الآية نزلت قبل وجوب الزكاة . وعن الضحاك هو التطوع بالنفقة . وروى محمد بن مسلم ، عن الصادق عليه السلام ، إن معناه : ومما علمناهم يبثون . والأولى حمل الآية على عمومها . وحقيقة الرزق هو ما صح أن ينتفع به المنتفع ، وليس لأحد منعه منه . وهذه الآية تدل على أن الحرام لا يكون رزقا ، لأنه تعالى مدحهم بالإنفاق مما رزقهم ، والمنفق من الحرام لا يستحق المدح على الانفاق بالاتفاق ، فلا يكون رزقا . النزول : قال بعضهم : هذه الآية تناولت مؤمني العرب خاصة ، بدلالة قوله فيما بعد ( والذين يؤمنون بما أنزل إليك ) الآية ، فهذا في مؤمني أهل الكتاب ، إذ لم يكن للعرب كتاب قبل القرآن ، وهذا غير صحيح ، لأنه لا يمتنع أن تكون الآية الأولى عامة في جميع المؤمنين ، وإن كانت الثانية خاصة في قوم منهم . ويجوز أن يكون المراد بالآيات قوما واحدا وصفوا بجميع ذلك ، بأن جمع بين أوصافهم بواو العطف ، كقول الشاعر : إلى الملك القرم ، وابن الهمام ، وليث الكتيبة في المزدحم ( والذين يؤمنون بما أنزل إليك وما أنزل من قبلك وبالآخرة هم يوقنون ( 4 ) ) .
نام کتاب : تفسير مجمع البيان نویسنده : الشيخ الطبرسي جلد : 1 صفحه : 87