نام کتاب : تفسير مجمع البيان نویسنده : الشيخ الطبرسي جلد : 1 صفحه : 261
واحد ، وأن الأوصاف المتأخرة هي للبقرة المتقدمة ، وإنما تأخر البيان وهو مذهب المرتضى ، قدس الله روحه . واستدل بهذه الآية على جواز تأخير البيان عن وقت الخطاب إلى وقت الحاجة . قال : إنه تعالى لما كلفهم ذبح بقرة ، قالوا لموسى عليه السلام : ( ادع لنا ربك يبين لنا ما هي ) فلا يخلو قولهم ( ما هي ) من أن يكون كناية عن البقرة المتقدم ذكرها ، أو عن التي أمروا بها ثانيا . والظاهر من قولهم ( ما هي ) يقتضي أن يكون السؤال عن صفة البقرة المأمور بذبحها ، لأنه لا علم لهم بتكليف ذبح بقرة أخرى ، فيستفهموا عنها . وإذا صح ذلك فليس يخلو قوله ( إنها بقرة لا فارض ولا بكر ) من أن يكون الهاء فيه كناية عن البقرة الأولى ، أو عن غيرها . وليس يجوز أن يكون كناية عن بقرة ثانية ، لأن الظاهر يقتضي أن تكون الكناية متعلقة بما تضمنه سؤالهم ، ولأنه لو لم يكن الأمر على ذلك ، لم يكن جوابا لهم . وقول القائل في جواب من سأله : ما كذا وكذا ؟ إنه بالصفة الفلانية صريح في أن الهاء كناية عما وقع السؤال عنه . هذا مع قولهم ( إن البقر تشابه علينا ) فإنهم لم يقولوا ذلك إلا وقد اعتقدوا أن خطابهم مجمل غير مبين ، ولو كان الأمر على ما ذهب إليه القوم ، فلم لم يقل لهم وأي تشابه عليكم وإنما أمرتم في الابتداء بذبح بقرة أي بقرة كانت وفي الثاني بما يختص بالسن المخصوص ، وفي الثالث بما يختص باللون المخصوص من أي البقر كان . وأما قوله : ( فذبحوها وما كادوا يفعلون ) فالظاهر أن ذمهم مصروف إلى تقصيرهم ، أو تأخيرهم امتثال الأمر بعد البيان التام ، وهو غير مقتض ذمهم على ترك المبادرة في الأول إلى ذبح بقرة ، فلا دلالة في الآية على ذلك . ( وإذ قتلتم نفسا فأدرأتم فيها والله مخرج ما كنتم تكتمون ( 72 ) فقلنا اضربوه ببعضها كذلك يحيى الله الموتى ويريكم آياته لعلكم تعقلون ( 73 ) ) . اللغة : ادارأتم : اختلفتم ، وأصله تدارأتم فأدغمت التاء في الدال بعد أن سكنت ، ثم جعلوا قبلها همزة الوصل ، ليمكن النطق بالساكن . وأصل الدرء : الدفع ، ومنه الحديث : ( ادرأوا الحدود بالشبهات ) . ومنه قوله : ( ويدرأ عنها العذاب ) وقال رؤبة : أدركتها قدام كل مدره * بالدفع عني درء كل عنجه ( 1 )
( 1 ) المدره : رئيس القوم وزعيمهم . والعنجه : الجافي من الرجال .
نام کتاب : تفسير مجمع البيان نویسنده : الشيخ الطبرسي جلد : 1 صفحه : 261