نام کتاب : تفسير مجمع البيان نویسنده : الشيخ الطبرسي جلد : 1 صفحه : 159
والكلام يقتضي أنهم لما أنبأهم آدم بالأسماء علموا صحتها ، ولولا ذلك لم يكن لقوله تعالى : ( ألم أقل لكم إني أعلم غيب السماوات والأرض ) معنى ولا كانوا أيضا مستفيدين نبوته ، وتميزه واختصاصه بما ليس لهم ، لأن كل ذلك إنما يتم مع العلم والجواب أنه غير ممتنع أن يكون الله تعالى جعل لهم العلم الضروري بصحة الأسماء ، ومطابقتها للمسميات ، إما عن طريق أو ابتداء بلا طريق ، فعلموا بذلك تمييزه واختصاصه ، وليس في علمهم بصحة ما أخبر به ما يقتضي العلم بنبوته ضرورة ، بل بعده درجات ومراتب لا بد من الاستدلال عليها حتى يحصل العلم بنبوته ضرورة [1] . ووجه آخر وهو أنه لا يمتنع أن يكون للملائكة لغات مختلفة ، وكل قبيل منهم يعرف أسماء الأجناس في لغته دون لغة غيره ، إلا أنه يكون إحاطة عالم واحد بأسماء الأجناس في جميع لغاتهم ، خارقة للعادة ، فلما أراد الله تعالى التنبيه على نبوة آدم ، علمه جميع تلك الأسماء ، فلما أخبرهم بها علم كل فريق مطابقة ما أخبر به من الأسماء للغته ، وعلم مطابقة ذلك لباقي اللغات بخبر كل قبيل ، وعلى هذا الجواب . فيكون معنى " أنبئوني بأسماء هؤلاء " ليخبرني كل قبيل منكم بجميع الأسماء . وهذان الجوابان مبنيان على أنه لم يتقدم لهم العلم بنبوة آدم ، وأن اخباره بالأسماء كان مفتتح معجزاته ، لأنه لو كان نبيا قبل ذلك ، وكانوا قد علموا نبوته بمعجزات تقدم ظهورها على يده ، لم يحتج إلى هذين الجوابين ، لأنهم يعلمون مطابقة الأسماء للمسميات بعد أن لم يعلموا بقوله الذي علموا أنه حق وصدق . ( وإذ قلنا للملائكة اسجدوا لآدم فسجدوا إلا إبليس أبى واستكبر وكان من الكافرين ( 34 ) ) . القراءة : قرأ أبو جعفر وحده : " للملائكة اسجدوا " بضم التاء ، حيث وقع . وكذلك ( قل رب احكم ) بضم الباء . الحجة : أتبع التاء ضمة الجيم . وقيل : إنه نقل ضمة الهمزة لو ابتدئ بها ، والأول أقوى ، لأن الهمزة تسقط في الدرج ، فلا يبقى فيها حركة تنقل .